للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث علي - رضي الله عنه - أنه قال يا كهيعص اغفر لي. (١) وهذه الآثار ضعيفة ولا حجة فيها على المعاني، ليسقط قول من ادعى بأنها من أسماء الله أو من ادّعى بأن فيها من علم الغيب شيء، وتساهل في تسمية رب العباد بما لم ينص عليه وبحروف مقطّعة، فأسماء الله وصفاته من أدق معالم التصديق والانقياد في عقيدة المسلم، ولا تهاون فيها، فقولهم مردود لأن أي من الفواتح "ليس بمذكور في أسماء الله المعدودة، ولأن أسماءه تقدست ما منها شيء إلا وهو صفة مفصحة عن ثناءٍ وتمجيد، وحم (مثلاً) ليس إلا اسمي حرفين من حروف المعجم، فلا معنى تحته يصلح لأن يكون به تلك المثابة" (٢)، ويوهن هذا الفهم زيادة على وهن أسانيد مروياته، ما في الروايات من اختلاف في نقل ألفاظها. أما أقوال ابن عباس في (كهيعص) قال: كبير يعني


(١) رواه ابن جرير الطبري (١٤١/ ١٨) والدارمي في النقض (ص٢٠)، ورواه ابن ماجه في تفسيره كما في تهذيب الكمال (٢٨٤/ ٢٩) والإتقان للسيوطي (٢٤/ ٢)، ورواية ابن جرير ضعيفة جداً، فيها أبو بكر الهذلي "إخباري متروك الحديث" تقريب التهذيب (٣٦٩/ ٢)، ورواية الدارمي وابن ماجه رواية واحدة معروفة وإن كان تفسير ابن ماجه مفقود، فهي مذكورة في كتب التراجم لتفردها من رواية محمد بن مسلم عن نافع عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب، ومحمد بن مسلم هو المدني، وقد أورد المزي في تهذيب الكمال (٤٥٥/ ٢٦) كلام ابي زرعة فيه أنه مستقيم الحديث، ولم أجد له ترجمة مفصلة لمعرفته، وقد روى عن اثنين لا ثالث لهما، نافع وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والأخير ضعيف جدا، ونافع هو الإمام المقرئ المعروف، ثقة إمام في القراءة، قرأ على سبعين من التابعين، وليس له في علم الحديث دراية، وهذه ليس بنقيصة، قال الإمام أحمد: "كان يؤخذ عنه القرآن وليس في الحديث بشيء .. وقال يحي بن معين ثقة ... وقال بن سعد: كان ثبتاً." كما في تهذيب التهذيب (٣٦٤/ ١٠) وقال عنه الذهبي في السير (٣٣٧/ ٧): "وما هو من فرسان الحديث ... أما في الحروف فحجة بالإتفاق"، وضعف هذا الحديث ظاهر من رواية محمد بن أسلم والذي أظن أن لا دراية له في الحديث أيضاً، وهذا من تناقله للأخبار عن عبد الرحمن بن زيد، والضعف ظاهر أيضاً في رواية نافع اليتيمة عن فاطمة بن علي عن أبيها رضي الله عنه، فنافع لم يثبت أنه سمع من فاطمة، وهي لم تسمع من أبيها، وفاطمة لم تحدّث إلا عن أخيها محمد بن الحنفية وأسماء بنت عميس رضي الله عنها، بل قد قالت فاطمة أنها لم تسمع من أبيها شيئاً، وبين موت أبيها وموتها سبع وسبعون سنه، وقد تجاوزت السادسة والثمانون رضي الله عنها كما في تهذيب الكمال (٢٦١/ ٣٥)، فهل يعقل أن تقول سمعت أبي يقول كذا وهي قالت لم أسمع منه شيئاً! فالحديث ضعيف بلسان فاطمة، وأغلب الظن بأن الخلل في رواية محمد بن مسلم وأنه سمع أن نافعا يقول هذا، والله اعلم، وفي رواية عند الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (٢٨٧/ ٢) قال علي: "يا كهيعص يا نور النور"، قال المحقق مشهور حسن آل سلمان: "إسناده مظلم".
(٢) الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري، (الحاء مع الميم) ج١ ص٣١٤

<<  <   >  >>