للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: أما "ألم" فهو حَرف اشتُقَّ من حروف هجاء أسماء الله جلّ ثناؤه." (١) وإن كان ضعيفاً، أي أنها ذات الحروف المنطوقة في أسمائه، ويبينه ما روي ابن عباس "في قوله: الم وحم ون، قال: اسم مُقطَّع" (٢) أو " (الر) (حم) (ن) حروف الرحمن مقطّعة"، والحجة فيها ليست على


(١) رواه ابن جرير (٢٠٨/ ١) والحاكم (٢٨٦/ ٢) وعنه البيهقي في الأسماء والصفات (٢٣٢/ ١) من طريق أسباط بن نصر عن إسماعيل السُّدِّي، قال محقق التفسير أحمد شاكر:"هذا الإسناد من أكثر الأسانيد دورانًا في تفسير الطبري، إن لم يكن أكثرها، فلا يكاد يخلو تفسير آية من رواية بهذا الإسناد. وقد عرض الطبري نفسه في (ص ١٢١ بولاق، سطر: ٢٨ وما بعده)، فقال، وقد ذكر الخبر عن ابن مسعود وابن عباس بهذا الإسناد: "فإن كان ذلك صحيحًا، ولست أعلمه صحيحًا، إذ كان بإسناده مرتابًا. . . . " ولم يبين علة ارتيابه في إسناده، وهو مع ارتيابه قد أكثر من الرواية به. ولكنه لم يجعلها حجة قط." قلت: والمرتاب فيه هو السدي لما نقله ابن حجر عن الطبري في تهذيب التهذيب (٢٧٤/ ١) "وقال الطبري لا يحتج بحديثه"، وإن كان هناك خلاف في أسباط بن نصر بين تضعيفه وتوثيقه فقد "خرج له البخاري في تاريخه، ومسلم والأربعة. وتوقف الإمام أحمد في الرواية عنه" الأعلام للزركلي (٢٩٢/ ١)، وهو سند من طرق مختلفة كلها عن السدي، والأولى أن توقف عليه لأنها مما انفردت به التفاسير عن السدي كما أسلفت. وللشيخ أحمد شاكر في هذا السند بحث جليل في تحقيق الطبري، وقد مال فيه لتصحيح السند كما فعل الحاكم والذهبي، لاعتباره تفسير السدي المكتوب عنه والمسنود بهذه الطرق ورواه عنه أسباط، والحق أن نتوقف فيه.
(٢) رواه ابن جرير (٢٠٨/ ١) وابن ابي حاتم (٣٢/ ١)، وفي الإسناد عباس بن زياد الباهلي وقد قيل بأنه مجهول، قال أحمد شاكر عنه في تحقيق الطبري: "لم أجد له ترجمة"، قلت ولي في هذا رأي، فالسند عند ابن جرير وابن أبي حاتم فيه خلل واضح، وهو ان ابن جرير قال: حدثنا محمد بن معْمَر، قال: حدثنا عباس بن زياد الباهلي، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وعند ابن أبي حاتم: حدثنا عياش بن زياد الباهلي، قال حدثنا شعبة، وفي رواية أخرى عنده ذكر: عياش بن زياد أنبأ يعلى ثنا شعبة، والخلل واضح في (عباس وعياش) و (الباهلي وأنبأ يعلى) وهي من التصحيف الواضح، وما ينصر هذا الرأي أن المحدث محمد بن معمر وهو ثقة روى له البخاري ومسلم وأصحاب السنن، له تسعة وعشرون شيخاً حدث عنهم كما أوردهم المزي في تهذيب الكمال، منهم واحد فقط ضعيف والباقون إما من رجال الصحيحين أو إحدى الصحيحين والسنن، ومحدث مثله لا يحدث عن مجهول، وبالنظر إلى شيوخة نجد بينهم حبّان بن هلال الباهلي، وهو حافظ ثقة ثبت من رجال الصحيح والسنن، وقد حدث عن شعبة وكان من تلاميذه، ولا يكاد يُذكر في كتب المحدثين إلا ويشيرون إلى اسمه بقولهم (بفتح الحاء وتشديد الباء)، ولعل التصحيف قد حصل في النقل من صحيفة الحافظ أبو حاتم محمد الرازي الذي سمع من محمد بن معمر، ورواها عما كتب ابنه عبد الرحمن وابن جرير، وسبب التصحيف ظاهر لغرابة الرسم ولتغير اللفظة في المكتوب، ومثل احمد شاكر لا يغفل عن هذا، ولكنه كما أورد في مكان آخر لم يطلع على تفسير ابن ابي حاتم، ولذلك لم يقارن فلم يتنبه للتصحيف، وعليه فالحديث صحيح السند، ويعضده ما رواه ابن جرير (١٠/ ١٥) بسند حسن من حديث عكرمة عن ابن عباس أنه قال: (الر) (حم) (ن) حروف الرحمن مقطّعة، ورجاله ثقات غير علي بن الحسين بن واقد صدوق يهم، ورواه بنفس السند من طريق عباس بن هلال هذا، ويعضده أيضاً أقوال بن عباس في كهيعص. وروى ابن أبي حاتم (٣٢/ ١) عن سالم بن عبد الله قوله ": الم، وحم، ون، ونحوها: اسماء الله مقطّعة "، وفي سنده حسين بن عثمان المزني وهو مجهول.

<<  <   >  >>