للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي زاي ولا هي صاد، وكتب الناس عنه ما قال "هي كقولك الزراعة بلغة النبط" أتكون بأي حال من الأحوال تفسيرا للصراط، وأصدق، وهم المصيطرون؟ كلها على زرع وزراعة؟ والكثير من الأمثلة التي لا حصر لها.

ومن قال بأن معناها يا رجل، وهي بلغة بني عك أو بني عكل أو بني طيء من قبائل العرب، ونسب إليهم شعراً فقد شذّ ووهم، ولا حجة في كلامه أو شعره، والسند في الكلام كالسند في الشعر، وخاصة ما كان من شعر الشواهد (١)، وبعد هذا التحقيق يسقط ويهلك قول من ادعى بأن الحروف تدل على معاني مباشرة، كما في بعض الروايات من أكاذيب قالها أصحابها ليشتهروا بها، أو مما كان في بعضها من أوهام الرواة أو أقوال منسوبة للمفسرين من تابعين وأتباعهم برأيهم وبحسب قصدهم لا بفهم الرواة. وقد كثرت الروايات في الحروف المقطّعة لأنه لم يكن فيها تأويل معتبر ومنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، فنقل الرواة كل ما جاء فيها من روايات تبين وجوه القراءة ووجوه الكتابة، ظنّاً منهم أنها تفيد التأويل، وخاصة هذه الروايات في نسبة الحروف للغات أخرى، وما كان منها منسوب لابن عباس، وقد نقل هذه الروايات بعض المفسرين القدماء مثل ابن جرير الطبري وابن ابي حاتم الرازي، فحدثوا بها خوفاً من فقدان المعلومة وإن كانت ضعيفة، ولم يجدوا فيها بأسا لأنهم قاسوا السند على ما صح عن التابعين، وقاسوا المتن على ما صح في غيرها من الكلمات المعرّبة المعروفة من اللغات الأخرى في القرآن، ونقل عن هؤلاء الكثير من المفسرين المتأخرين كالقرطبي وابن كثير وغيرهم،


(١) القول من كلام الكلبي. انظر القرطبي (١٦٥/ ١١) والبحر المحيط (٢١٢/ ٦) وأبيات الشعر قال عنها الزمخشري في الكشاف (٥٠/ ٣): "وأثر الصنعة ظاهر لا يخفي في البيت المستشهد به." وأورد الطبري (٢٦٨/ ١٨) هذا الرأي وانتصر له واستشهد بهذه الأبيات من غير نسبة الرأي لصاحبه، لأنه لا يحدث ولا يأخذ عن الكلبي، وقد انفرد الكلبي بهذا القول. أما مقاتل فقال إنها طأ الأرض، وكلاهما شاذ ومتروك.

<<  <   >  >>