فالثابت بالعبارة ظهور المنة للوالدة على الولد لأنّ السياق يدل على ذلك، والثابت بالإشارة أن أدنى مدة الحمل ستة أشهر، فقد ثبت بنص آخر أن مدة الفصال حولين كما قال تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ... الآية ١٤ لقمان} فإنما يبقى للحمل ستة أشهر، ولهذا خفي ذلك على أكثر الصحابة رضي الله عنهم واختص بفهمه ابن عباس رضي الله عنهما فلما ذكر لهم ذلك قبلوا منه واستحسنوا قوله" (١). وعليه فالكناية والتعريض ثابتة بالإشارة من ظاهر النص ومراده به، ولكن ظاهر النص لم يأت لها بسياقه، وصلى الله وبارك على نبيه وآله وصحبه ورحم علماء الأمة وتغمدنا بفضله وكرمه وأرشدنا سواء الصراط.
(١) الأصول للسرخسي ج١ ص٢٣٧، والخبر في قصة الحد على المرأة الوالدة لستة أشهر تامة عن ابن عباس في عهد عثمان، رواه عبد الرزاق (٣٥١/ ٧) ومن طريقه الطبري (٣٤/ ٥)، وابن منده في التوحيد (٢٤٧/ ١) عن سعد بن عبيد، وهو ثقة من كبار التابعين بسند صحيح، ورواه عبد الرزاق (٣٥١/ ٧) وسعيد بن منصور (٦٦/ ٢) وابن أبي حاتم (٤٢٨/ ٢) وأبو عروبة في المنتقى (رقم ٨٢) عن قائد ابن عباس وهو مجهول، والرواية ضعيفة لأن ابن عباس لم يكن قد كف بصره في عهد عثمان ولم يكن له قائد ليقول أدنوني منها كما جاء في الرواية، ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (٢٩١/ ٧) وابن ابي حاتم (٣٢٩٤/ ١٠) والحاكم (٣٠٨/ ٢) وصححه ووافقه الذهبي عن عكرمة روايةً لرأي ابن عباس وليس فيه ذكر خبر المرأة. وخبر القصة بين علي وعثمان رواه الطبري (٦٥٠/ ٢١) وابن ابي حاتم (٣٢٩٣/ ١٠) عن بعجة بن عبد الله الجهني مرسلاً، وهو من الوسطى من التابعين وبين خلافة عثمان وموته أكثر من ستين سنة، وأشار إلى هذا الخبر الإمام مالك في الموطأ (٨٢٥/ ٢)، وخبر القصة بين علي وعمر بن الخطاب رواه عبد الرزاق (٣٤٩/ ٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٤٤٢/ ٧) عن أبي الأسود الدؤلي ورواه سعيد بن منصور (٦٦/ ٢) عن الحسن البصري مرسلا، وانفرد عبد الرزاق (٣٥٢/ ٧) برواية بين ابن عباس وعمر من كلام ابن عباس بسند صحيح، والراجح أن خبر القصة كان بين علي وعمر بن الخطاب، واستشهد ابن عباس بنفس الرأي في زمن عثمان، وهذا ما رواه عبد الرزاق (٣٥٢/ ٧) عن عكرمة مولى ابن عباس بأن الخبر كان بين علي وعمر وكان بين ابن عباس وعثمان.