ما كان موجوداً، وبدل أن يكون واقعياً في الرد بدأ يتضوغ ويتصيح، وصار يتألم ويتظلم قائلاً: لا ينبغي أن يكتب مثل هذه الكتيبات والرسائل في مثل هذه الآونة المحرجة.
فالحري بنا وبكل مسلم غيور على دينه وأمته ترك هذه المناقشات والظروف والأحوال على ما يشاهد في العالم الإسلامي، فالفتن والكوارث هجمت علينا من كل جانب. . . . يحاربنا الإلحاد واستعمار الصهيونية والصليبية والشرقية والغربية بأساليبها الخداعة الهدامة، يغزونا أعداؤنا في عقر دارنا. ويهتكون حرماتنا، ويخربون مساجدنا، ويسعون لهدم جميع آثار الإسلام" (١).
إلى آخر ذلك من الكلمات البراقة الخداعة.
ولكنه لم يتقدم خطوات إلا ونسي ما كتب، وأعرض عما ذكر، وتنمر على الخطيب، ولم يجد في جعبته نبلاً إلا أرشقه به، ولا في جيبه شتيمة إلا ورماه بها ويا ليته اكتفى بسبه ورميه إياه ولكنه تجاوز الحدود، وطعن على أصحاب رسول الله وخلفائه الراشدين المهديين، وأزواجه. أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين. حتى لم يؤنبه ضميره، ولم يردعه الأحوال الحالكة والظروف السيئة المحيطة بالمسلمين التي تذكرها في مقدمة كتابه.
كما أنه أنكر جل معتقدات الشيعة التي ذكرها الخطيب في رسالته من أمهات كتب القوم وكذبها، وحكم عليه بالافتراء والبهتان، ومنها عقيدتهم حول القرآن بأنه محرف ومغير فيه، والتقية التي يجعلونها وسيلة لإظهار ما يخالف الحق والباطل، والعداء الشديد لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يستند في إنكاره إلى دليل ولا إلى برهان وهو مع ذلك حاول اصطياد السنة في حبائله التي
(١) "مع الخطيب في خطوطه العريضة" مقدمة ص ألف، ب للطف الله الصافي ط طهران