للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا كَانَ مِن أخبَار الآحَاد، وَيَجبُ أن يَعلم] (١) مَراتب الروَاة، فإن مِنهمْ مَن عرفَ بالفِقهِ وَالعدالة كَالخلفاء الراشدينَ وَالعَبادِلة وَغيرهم، وَمنهم مَن يَعرف بَذلكَ، وَمنهُم مَن لم يَعرف بِطُول الصَّحبة.

وَإن كَانتَ حَادِثة لم يرد فيهَا شيء عَن رَسُول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يَقضِي فيها بما اجتمعَ علَيه الصحَابة، فإن كَانتَ الصحَابة فيها مختلفِينَ، يَجتَهد (٢) في ذلك وَيُرجح قَوِل بَعض عَلى البَعْضٍ إذا كان مِن أهل الاجتهاد، وَليسَ لَهُ أن يخالفهُم جَميعاً باختراع قَولٍ ثالث؛ لأنهم مَع اختِلافهم اتفقوا عَلى أن مَا عَدا القولينَ بَاطِل، وَكانَ الخَصّاف يَقول ذلَك، وَالصحيح مَا ذكرنَا، وَلاَ يفضل (٣) قول الجماعَة عَلى قَولِ الوَاحِد.

قَالَ الفِقيه أبُو جَعفَر: وَهذا عَلى أصلِ أبي حَنِيفة، أمَّا عَلى أصل محمد فيفضل (٤) قَول الجماعَةِ عَلى قول الوَاحِد، ثم إجماع الصحَابةِ [ينعقد بطريقين: أحدهما اتفاق كل الصحابة] (٥) عَلى حكم بأقوالهم، وَهذا متفقٌ عَليه، وَالثاني تنصِيص البَعِض وَسُكُوت البَاقين بأن اشتهر قول بَعض فقهائهمْ، وَبلغَ البَاقِينَ ذَلكَ فسَكتُوا وَلم ينكرُوا ذلكَ وَهذَا مَذهبنا، وَلكن هَذَا الإجمَاع في مَرتبة دُونَ الأول؛ لأن الأول مجمعٌ عَليه وَالثاني مُختلفٌ فيه، يَعني فالأول إجَماعٌ قَطعِي وَالثاني ظني، وَإن (٦) وجدَ مِن كلِّ الصحَابةِ اتفاقٌ عَلى حَكم الأوَحد، فإن خالَفهم فَعَلى قَولِ


(١) سقطت من (د).
(٢) في (م): (تجتهد).
(٣) في (د): (يفصل).
(٤) في (د): (فيفصل).
(٥) زيادة من (د).
(٦) في (د): (فإن).

<<  <   >  >>