للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ظهَر قَوم غَلبَ عَليهم الجَهل وَطمهُم (١) وَأعماهم (٢) حُب الرئَاسة وأصَمهُم، وَتحرك عرق الحسَد فِيهم وَعِمهُم، قد لكنوا (٣) عَن عِلم الشِريعَة مِنَ الكتاب وَالسّنة وَنسوه، وَاكبوا عَلى عِلم الفلاسِفة وَدرسُوهُ، يريد [١٧/ب] الإنسَان مِنهم أنْ يتقَدمَ، وَيأبى الله إلا أن يزيدهُ تأخِير، ويبتغي أحَدُهم العِزة وَلاَ عَلم عندَه، فلا يجد لَهُ ولياً وَلاَ نَصِيراً، وَمَع ذَلكَ فلاَ ترى هُنالكَ إلا أنوفاً مُسمَّرة، وَقلوباً عَن الخلقِ مُستكبَرة، وَأقوالاً تصدُر عَنهم مُفتراة مزورَة، كَلمَا هَديتهم إلى الحَق كان أصَم وَأعمَى لهم، كأن الله لم يُوكل بِهم حَافظين يَطلبونَ أقوالهم وَأعمالَهم، فالعَالم بينهم مَحزُون يتلاعب به الجَهال وَالصبيَان، وَالعَاقِل عِندَهم مَجنُون دَاخِل في ميدَان النقصَان، وَاللهُ المُستعان وَإليه المشتكى وَعَليه التكلان.

[لا تقبل شهادة مظهر سب السلف:]

ثم أريد أن أزيد التوضيح وَالبيَان، بإيَراد مَا بلغني مِن الروَاياتِ في هَذَا الشأن، ففي متون المذهب مِن الكتب المُهذب: ((أنه لا يقبل شهادَة مُظهر سَبّ السلف الصّالح، قال الحدادي (٤) (شَاِرح القدُوري (٥)): لظهُور فسقِهِ، وَالمراد بالسَّلَف


(١) في (د): (ولحمهم).
(٢) في (د): (وأعمالهم).
(٣) كذا في (م)، وفي (د): (اكبوا).وربما هي (ركنوا).
(٤) أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن مهران الحدادي المروزي الحنفي، كان فقيهاً فاضلاً ولي قضاء بخارى وغيرها، وفاته سنة ٣٨٨هـ. سير أعلام النبلاء: ١٦/ ٤٧٠؛ الجواهر المضيئة: ص ٥٠.
(٥) أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر البغدادي القدوري، شيخ الحنفية في وقته، قال الخطيب وكان صدوقاً حسن العبارة، له مختصر مشهور في فقه الحنفية حمل اسمه، وفاته سنة ٤٢٧هـ. سير أعلام النبلاء: ١٧/ ٥٧٥؛ الجواهر المضيئة: ص ٩٣.

<<  <   >  >>