للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما والله لو علم الأنام ... لِمَا خلقوا لما غفلوا وناموا

لقد خلقوا لما لو أبصرته ... عيون قلوبهم تاهوا وهاموا

مماتٌ ثم قبرٌ ثم حشرٌ ... وتوبيخٌ وأهوالٌ عظام

ليوم الحشر قد عملت رجالٌ ... فصلُّوا من مخافته وصاموا

ونحن إذا نهينا أو أمرنا ... كأهل الكهف أيقاظ نيام

ومن تأمل هذه الأمور حق التأمل أوجب له القلق، فإن ابن آدم متعرض لأهوال عظيمة من الموت، والقبر، وأهوال الموقف كالصراط والميزان، وأعظم من ذلك: الموقف بين يدي الله عز وجل ودخول النار والخلود فيها إذا سُلَب إيمانه عند الموت، ولا يأمن المؤمن شيئاً من هذه الأمور .. {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (١).

(فيا أيها المطرود بإصراره وطغيانه وغفلته وخسرانه، وتماديه وعصيانه، .. لقد عظمت مصيبتك بغضب الله وهوانه، فأين مُقلتك الباكية؟ وأين دمعتك الجارية؟ وأين زفرتك الرائحة الغادية؟؟ لأي يوم أخّرت توبتك؟ ولأي عام ادخرت عودتك؟؟ إلى العام القادم والحول القابل؟؟ كلا .. كلا .. فما إليك مدة الأعمار، ولا معرفة الأقدار، فكم مَن أعد طيباً لعيده جُعل في تلحيده؟؟ وثياباً لتزيينه صارت لتكفينه؟؟) (٢).


(١) الأعراف: ٩٩.
(٢) من كتاب الغنية لعبد القادر الجيلاني.

<<  <   >  >>