عهدي بنا ورداء الليل منسدل ... والليل أطوله كاللمح بالبصر
فالآن ليلي إذ بانوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر
قال وهذا أبلغ معنى من قول امرئ القيس إلا أنه لا يدخل في مختار الكلام لابتذال لفظه والمعنى أن ليله ممدود لا انقضاء له كليلة الضرير والدهر كله عند الضرير، ولآخر في معنى قول امرئ القيس:
يا ليل ليلك سرمدا أبدا ... ما في الصباح لعاشق فرج
وأجود ما قيل في وصف الليل:
وليل تعول الناس في ظلمته ... سواء بصيرات العيون وعورها
كأن لنا منه بيوتا حصينة ... موج أعاليها وساج كسورها
هذا أبدع تشبيه في الليل فانه شبه أعلاه بمسح شعر لتكاثف ظلمته وأسفله بسياج وهو الطيلسان الأخضر لما يشوب ما بين يدي الناظر فيه من يسير الضياء وكسور البيت أسافله المرخاة منه، ولآخر:
وليل ذي عياطل من حجون ... رميت بنجمه غرض الأقول
يرد الطرف حندسه كليلا ... ويملأ هوله صدر الدليل
وآخر
وليل فيه تحسب كل نجم ... بدا لك من خصاصه طيلسان
وصف الليل بشدة السواد وكأن النجوم تظهر من خروق طيلسان وشبه سواد الليل بالطيلسان لخضرته وشدة الخضرة راجعة إلى السواد ومنه قوله تعالى مدهامتان من شدة
الخضرة من الثرى والمدهام الأسود ومنه سمى سواد العراق سوادا لنخيله وجنانه وكثرة مائه وذلك أن الماء الكثير البعيد القعر يظهر أسود ولذلك شبه أمرؤ القيس الليل