إكمال لدور التدوين والجمع الذي بدأ مع نهاية الأول الهجري، وانتهى تقريبًا مع نهاية القرن الخامس.
ولقد لاقت مُصَنَّفَاتُ أئمة القرن الخامس وأقوالهم النقدية قبولاً عند علماء الأُمَّةِ فيما بعد، وأقبل المحدثون عليها كما أقبلوا على تصانيف الأئمة المتقدمين، ولكن بدرجة من الثقة أقل بسبب طول الإسناد وبعده عن مصدر النبوة واحتمال السهو والخطأ في الحفظ، وَتَرَدَّدَتْ أسماء أعلام هذا القرن في مُصَنَّفَاتِ المُتَأَخِّرِينَ كما أقبل المُحَقِّقُونَ على تحقيقها وإخراجها لعالم المطبوعات، فغدا معظمها متداولاً متناولاً والحمد لله.
مَصَادِرُ أَصْلِيَّةٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ:
ويلحق بهذه المصادر الأصلية للحديث الكتب المُصَنَّفَةُ في الفنون الأخرى كالتفسير، والفقه وأصوله، والتاريخ ... التي وُضِعَتْ في القرون الخمسة الأولى أيضًا، والتي جمعت الأحاديث التي رواها مُصَنِّفُوهَا بأسانيدها المتصلة عن شيوخهم إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، دون أن يأخذوها من مُصَنَّفَاتٍ أخرى متقدمة، ومن هذه الكتب كتاب " الأم " للشافعي (٢٠٤ هـ) و " تفسير الطبري "(٣١٠ هـ)، و " تاريخه "، و " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي (٤٦٣ هـ) ... الخ.
المَرَاجِعُ الحَدِيثِيَّةُ:
ونقصد بالمراجع الحديثية كُتُبَ السُنَّةِ التي وضعت فيما بعد القرن الخامس، لتوقف التصنيف بالإسناد مع نهاية هذا القرن تقريبًا، وانتقال منهج المحدثين بعد هذا التاريخ إلى تناول مؤلفات القرون الخمسة الأولى، وَوَضْعِ الكُتُبِ حَوْلَهَا شَرْحًا، وَاخْتِصَارًا، وَنَقْدًا ...
ولقد برز من أصحاب المراجع أئمة أعلام منهم: القاضي عياض (٥٤٤ هـ)، وابن عساكر (٥٧١ هـ)، وابن الجوزي (٥٩٧ هـ)، وابن الأثير الجزري (٦٠٦ هـ)، والمنذري (٦٥٦ هـ)، والنووي (٦٧٦ هـ) وابن دقيق العيد (٧٠٢ هـ)، وابن تيمية (٧٢٨ هـ) وابن عبد الهادي (٧٤٤ هـ)، والذهبي (٧٤٨ هـ) وابن القيم (٧٥١ هـ)، والزَّيْلَعِي (٧٦٢ هـ)، والعراقي (٨٠٦ هـ)، والهيثمي (٨٠٧ هـ)، وابن حجر (٨٥٢ هـ) وَالسَّخَاوِي (٩٠٢ هـ) وخاتمة الحفاظ السيوطي (٩١١ هـ) ... وقد تناول البَعْضُ كُتُبَ هؤلاء الأئمة ووضعوا لها فهارس أيضًا، وهذا ما سنعرضه في الفصل التالي إن شاء اللهُ.