على أن الذين تساهلوا في رواية الضعيف، أو العمل به اشترطوا شروطًا ثلاثة نقلها السيوطي، عن شيخه الحافظ ابن حجر، وهي:
١ - أن يكون الضعيف غير الشديد، فيخرج من تَفَرَّدَ بحديث من الكذابين أو المتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه، وهذ شرط متفق عليه.
٢ - أن يكون مندرجًا تحت أصل عام، فيخرج ما كان مخترعًا من أساسه، فلا يكون له أصل بتاتًا.
٣ - ألا يعتقد عند العمل به ثبوته عن النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لئلا ينسب إليه ما لم يقله.
وهذه الثلاثة تضم إلى الشرط السابق، وهو أن يكون في فضائل الأعمال والرقائق ونحوها، لا في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام.
والذي أراه للموسوعة ألا تدخل في صلبها أقل من الحسن، حتى في مجال المواعظ والفضائل، الترغيب والترهيب، وذلك لعدة أسباب منها:
١ - أن في الصحيح والحسن ما يُغْنِي عن الضعيف والحمد لله، فلماذا الاستكثار بالضعيف، وعندنا ثروة من غيره؟
٢ - أن هذه الشروط التي اشترطها من أجازوا الضعيف، لا تراعى في التطبيق عادة عند من يرون الضعيف، فهم يُسَوُّونَ بين ما كان ضعفه شديدًا جِدًّا وما كان ضعفه خفيفًا مقاربًا، ويقولون في هذا وذاك: قال رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مع تحذير العلماء المُحَقِّقِينَ من استعمال مثل هذه الصيغة، إلا فيما ثبت من الأحاديث.
٣ - أن هذه الأحاديث وإن كانت لا تثبت حُكْمًا، ولا تتضمن تحليلاً ولا تحريمًا، كثيرًا ما تتضمن مبالغات يرفضها العقل الصريح، ويردها الدين الصحيح أو تلفظها اللغة العربية السليمة.
ولكن ما هي المعايير التي احتكم إليها لتمييز الصحيح والحسن من غيرهما مع كثرة الاختلاف في ذلك بين المُتَشَدِّدِينَ وَالمُتَسَاهِلِينَ، وتعارض المنقول أحيانًا بين المُعَدِّلِينَ وَالمُجَرِّحِينَ؟