للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حروف الهجاء ومنهم ابن النديم (٤٣٨ هـ) واضع كتاب " الفهرست " جمع فيه ما أُلِّفَ من الكتب حتى عصره، وقد ظهرت هذه الفهارس عند المسلمين قبل ظهور أول معجم إنكليزي بنحو سبعة قرون، كما يقول الدكتور محمد أحمد الغمراوي في كتابه " مرشد المتعلم " ص: ٢٧٦، ويزيد قائلاً: «فَالعَرَبُ هُمْ أَسْبَقُ الأُمَمِ قَاطِبَةً إِلَى القَوَامِيسِ تَأْلِيفًا وَاسْتِعْمَالاً لِلْتَرْتِيبِ الهِجَائِيِّ فِيهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ المُتَأَدِّبِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ التَّرْتِيبَ الهِجَائِيَّ شَيْءٌ اِبْتَدَعَهُ الإِفْرَنْجُ، وَاخْتَصَّتْ بِهِ القَوَامِيسُ الإِفْرَنْجِيَّةُ».

وقد استفاد المسلمون في هذه الفترة المُبَكِّرَةِ من علم الفهرسة واستخدموه في خدمة السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، فوضعوا ما يُسَمَّى بـ " المسانيد "، وهي الكتب المُصَنَّفَةُ على ترتيب أسماء الصحابة، جمعوا فيها أحاديث كل صحابي تحت اسمه، وهو نوع من الفهرسة المتقدمة، ومن أشهر هذه المسانيد: " مسند أسد بن موسى (٢١٢ هـ)، و " مسند العبسي " (٢١٣ هـ)، و " مسند مسدد بن مسرهد " (٢٢٨ هـ)، و " مسند نُعيم بن حماد " (٢٢٨ هـ)، و " مسند إسحاق بن راهويه " - شيخ البخاري - (٢٣٨ هـ)، و " مسند عثمان بن أبي شيبة " (٢٣٩ هـ)، و " مسند أحمد بن حنبل " (٢٤١ هـ) وهو أكبرها على الإطلاق إذ تَضَمَّنَ حوالي ثلاثين ألف حديث، وغيرها من المسانيد التي أربت على المائة.

كما استخدم المسلمون الفهرسة في نوع آخر من المُصَنَّفَاتِ الحَدِيثِيَّةِ يُسَمَّى بـ " المعاجم " والمعجم في اصطلاح المحدثين هو الكتاب الذي تُرَتَّبُ فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان أو غير ذلك، والغالب أن يكون ترتيب الأسماء فيه على حروف المعجم، ومن هذه الكتب " المعجم الكبير " للطبراني (٣٦٠ هـ)، و " المعجم الأوسط " له أيضًا، و " المعجم الصغير " له أيضًا، و " معجم الصحابة " لابن لال (٣٩٨ هـ)، و " معجم الصحابة " لأبي يعلى الموصلي (٣٠٧ هـ).

واستخدم المسلمون علم الفهرسة أيضًا في علم رجال الحديث في فترة مُبَكِّرَةٍ تعود للقرن الثالث، فَأَلَّفُوا كتب التراجم على صورة المعاجم، وَرَتَّبُوا فيها الأعلام على الحروف أيضًا، وَأَلَّفُوا في ذلك مؤلفات ضخمة واسعة؛ منها كتاب " التاريخ الكبير " للبخاري (٢٥٦ هـ) وكتاب " الجرح والتعديل " [لابن] أبي حاتم الرازي (٣٢٧ هـ) و " الضعفاء الكبير " للعقيلي (٣٢٢ هـ)، و " الكامل في ضعفاء الرجال " لابن عدي الجرجاني (٣٦٥ هـ).

<<  <   >  >>