للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شروط بيع لبن الأمهات]

إذا قلنا بجواز البيع لا بد لنا من أن ننظر في هذه المسألة إلى أمرين: الأمر الأول: ألا يضر اللبن الطفل، فإذا أضره لم يجز بيعه؛ لقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:١٩٥].

الشرط الثاني: انتشار التحليل، وهو خمس رضعات مشبعات، ولها حالتان.

قبل ذلك نذكر الرد على الأحناف.

كأنهم قاسوا على الأعضاء، والأعضاء لا يجوز لها أن تتبرع بها, ثم قالوا: لا تباع؛ لأنها شريفة، ولا يجوز بيع جزء منها.

نقول: نعم، هذا شريف، والإنسان شريف، لكن الشرف لا يمنع من البيع.

والقياس على الأعضاء قياس مع الفارق، مع أننا نوافقكم على أن التبرع بالأعضاء لا يجوز، لكن اللبن متولد مثله مثل الدم، ولذلك يجوز لك التبرع بالدم، وهذا باتفاق العلماء، ولكن لا يجوز بيعه, فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وهناك قياس مع الفارق لا يدل على الحرمة، هذا هو الرد على قول الأحناف.

وإذا قلنا بجواز البيع هل تنتشر المحرمية أم لا؟ نقول لنا حالتان: الحالة الأولى: أن نعرف من أخذنا منها اللبن, وهل رضع الطفل أكثر من خمس رضعات مشبعات؟ حينها نقول: هذه أمه من الرضاعة وتنتشر المحرمية بينهما.

إذاً: هذا الرضيع يدخل في كنف الأم، وهذه الأم لها أصل وفروع وحواشي، فأصبح منهم؛ لأن المحرمية تنتشر، وهو يحرم على أختها وبنتها، أما أبوه وأخوه وأخته فلا علاقة لهم بالمحرمية.

الحالة الثانية: إذا علم أن أكثر من امرأة أخذ منها اللبن، فمن تكون أمه؟ أيتهن لا يتزوج بابنتها ويكون محرماً لها؟ ماذا نفعل في هذه حالة وجود أكثر من أم له؟ إذا علم الأمر فهو كما في الحالة الأولى، وإذا اختلط الأمر علينا ولا نعرف هل هذه المرأة هي التي أرضعت أم هذه فهن أكثر من واحدة، فلما أصبح الأمر عندنا شبه مجهول أصبح يساوي المعلوم، فالمجهول هنا الذي لا نضبطه ينزل منزلة المعلوم، ونقول: لا تنتشر المحرمية، ولا أم له، ويتزوج بنت هذه أو بنت هذه فيجوز له ذلك.

هذه هي المسألة الأخيرة في هذا الباب في الكلام على المعاملات المعاصرة، وهي بيع لبن الأمهات، وهذه المسألة منتشرة جداً في الغرب، ولذلك لزم التنبيه عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>