للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف العقلانيين من شمولية الشريعة]

المقدم: ننتقل إلى نقطة أخرى جوهرية في هذا الموضوع، وهي أن لهم موقفاً تجاه الصلة بين الدين والحياة، وتجاه شمولية هذه الشريعة، فما تعليقكم على ذلك؟ الشيخ: هم درجات، لكن غالبهم لا يرون أن الدين يحكم جميع أمور الحياة.

المقدم: هذا الغالب.

الشيخ: هذا الغالب، وهذا هو المنهج الذي هم عليه، لكن منهم أناس فيهم تدين تأثروا بالفكر، ومنهم أناس يدارون الآخرين، ومنهم أناس يستصعبون إخراج المجتمعات مما ألفته؛ فيأتون ويقولون: نحن نأخذ بعموم الدين، لكن الدين مفاهيم عامة، وقواعد، ونظم مشتركة، فدعونا من الجزئيات.

فيتنصلون من الدين بهذه الدعوى، وأغلب هؤلاء من أصحاب الغفلة، أغلبهم ليسوا من أصحاب النيات والأهواء، بل من الذين انخدعوا بهذا التوجه.

المقدم: كأنك تشير إلى -يا شيخ- أن أغلبهم يريدون فصل الدين عن الحياة.

الشيخ: هذا هو الأصل عندهم، فصل الدين عن الحياة جزئياً أو كلياً هو الأصل عندهم، وهذا هو المنهج، لكن يتفاوتون.

المقدم: لكن عندما ننظر الآن إلى نظرتهم لشمولية الشريعة، وأن الدين لا بد له من أن يسود جميع نواحي الحياة، ألا يرى هؤلاء القوم -من خلال معرفتك لهم -يا شيخ- ودراستك حول هذا الموضوع والبحث في هذا الأمر- ألا يرون أن هذا يعد من الكفر، أي: فصل الدين عن الدولة، أو عن الحياة.

الشيخ: المشكلة أن هؤلاء بعيدون عن قضية الكفر، لا يميزون بين الكفر وغير الكفر، وأغلبهم يتعاطف مع الكفار من حيث طرح مناهج الحياة أكثر من تعاطفه مع المسلمين.

إن المسلمون عندهم مشاكل جعلت هذا الصنف يحكم على المسلمين من خلال مشكلاتهم، ولا يفصل الدين عن واقع الناس، فالناس انحرفوا، وكثير من المسلمين انحرفوا، فهو يحكم على الدين من خلال واقع الأمة، فمن هنا تجد ميله إلى الغربيين وميله إلى الكفار أكثر من ميله إلى المسلمين.

كما أنهم ليس عندهم تمييز حدي بين الإسلام والكفر، ولا بين المسلم والكافر، فكيف نتصور منه أنه يرى أن عزل الدين عن الحياة كفر؟! إنه يرى أن عزل الدين عن الحياة من سنة التطور، ومن مقتضى الحياة، وفحوى الشريعة، وانظر إلى هذه الكلمة المائعة، فما معنى فحوى الشريعة؟! إنه الهوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>