للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النظرة الدنيا المحتقرة لمضامين الشريعة]

بسم الله الرحمن الرحيم.

مشاهدينا الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم: (حراسة العقيدة).

تتميز دعوة الأنبياء بتقديس الكتب المنزلة من عند الله تعالى، وقد أتى هذا الوحي موافقاً للعقول السليمة والفطر المستقيمة، أما دعاة العقلانية فقد دعوا إلى تقديس العقل البشري مع نقصه، وتوهموا التناقض بين العقل والنقل.

وللعقلانيين مواقف من قضايا عديدة، أشرنا إلى بعضها في حلقات سابقة، وسنحاول أن نجيب في هذا اللقاء عن عدد من الأسئلة.

فهل من مشكلة بينهم وبين التدين ومظاهر الصلاح؟ وما حقيقة دعوتهم لحقوق المرأة وتحررها من القيود الاجتماعية؟ وما السر وراء شعارات حرية الرأي والرأي الآخر الإقصائية، وغيرها من اللافتات التي يرفعونها؟ في حلقة (الاتجاهات العقلانية المعاصرة أصولها ومنهجها) سيكون محور حديثنا مع الأستاذ الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل، أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

أهلاً بكم فضيلة الشيخ.

الشيخ: أهلاً بك وبالمشاهدين.

المقدم: شيخنا الكريم! تحدثنا عن بعض الموضوعات والقضايا الأساسية، وهذه الحلقة تعتبر الحلقة الثالثة في هذا الموضوع: (الاتجاهات العقلانية المعاصرة أصولها ومنهجها).

في نهاية الحلقة السابقة تحدثتم -حفظكم الله- حول مسألة هامة، ألا وهي: موقفهم من التدين، وأخذنا منكم وعداً باستكمال هذا الموضوع في هذه الحلقة بإذن الله تعالى.

الشيخ: الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فموقفهم من التدين هو ثمرة المنهج الذي يقوم عليه هذا الاتجاه بمختلف طوائفه وأطيافه.

فنظراً لأن نظرتهم للدين نظرة دونية، وغالباً ما تكون نظرتهم للحياة وللإسلام على أساس تغليب الرأي الشخصي والهوى، أو المؤثرات.

وربما تكون المؤثرات الخارجية في هذا العصر هي الأشد، بمعنى أنهم غالباً يستقون أصولهم ومناهجهم ومفاهيمهم وأطروحاتهم من ثقافة واردة أو وافدة، وهذا الاتجاه يقوم على رواد مستغربين، وأقصد بالمستغربين الذين تتلمذوا على الغرب، والأمم الغربية التي لها مواقف مخالفة للإسلام مخالفة جذرية.

فهؤلاء الذين هم أصحاب الاتجاهات العقلانية وغيرها ينطلقون من هذه المفاهيم والمنطلقات، فمن هنا تكون موقفهم من الإسلام بوصفه دين، ومن الشريعة بوصفها تطبيقات، ومن العقيدة بوصفها ثوابت، ثم ممن يحملون هذا الدين وهذا الحق اليوم، المستمسكون بالدين، وعلى رأسهم العلماء والعباد.

فنظرة هذه الفئة للصالحين نظرة دونية، بمعنى أنهم لا ينفرون من سلوكيات الاستقامة لأنها تتنافى مع رغباتهم وآرائهم فحسب، بل أيضاً يحتقرون المضامين التي يدين بها المستمسكون بالإسلام، فيحتقرون المضامين نفسها التي هي مضامين الإسلام.

وإن كنا لا نتهمهم كلهم بأنهم يردون الإسلام، لكن إذا أحسنا الظن ببعضهم فهم يفسرون الإسلام بتفسيرات على ضوء الثقافة الوهمية.

فمن هنا كان من الطبيعي أن يكون موقفهم من التدين والمتدينين موقفاً سلبياً، فينظرون إلى المتدينين نظرة سلبية، وينظرون إليهم نظرة احتقار.

لكن الكثيرين منهم لا يصرحون بذلك؛ لأنهم -كما ذكرت سابقاً- عندهم نوع من المداراة والتلطف في العبارة؛ لأجل أن تقبل آراؤهم.

إذاً: فهم ينفرون من المتدينين ومن التدين لأنه يخالف أهواءهم، ولذلك تجد عندهم مفاهيم معكوسة، فهم لا يميلون إلى الفضيلة بمعناها الشرعي، كالحجاب، والستر، والحياء، ويرون هذه قيوداً، فمن الطبيعي أن ينظروا إلى من يتميز بالحياء والفضيلة وكل معاني الستر من رجل أو امرأة نظرة دنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>