للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوهابية والحنبلية في ميزان المدرسة العقلية]

المقدم: من الدعاوى التي قد يطرحها هؤلاء قولهم: أنتم تقصدون بمذهب السلف الوهابية -كما يسمونها- أو الحنابلة، فهل هو محصور في هذين الوصفين؟ الشيخ: هذا الكلام قد يكون له شيء من الصحة من جانب، لكن لو نظرنا إلى الناحية الشمولية الشرعية فهذا لا يخلو من خطأ أو من نوع من التلبيس والتمويه على الناس.

فالوهابية وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إذا أخذناها على حقيقتها فما هي إلا امتداد لمنهاج النبوة، وما هي إلا إحياء وإظهار وإعزاز لمنهج أهل السنة والجماعة في الاعتقاد والقول والعمل وفي التطبيق في المجتمع والسياسة وكل أمور الحياة.

إذاً: هي تجديد لمنهاج النبوة، وهي منهج السلف الصالح، هذه حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وأما تسميتها (وهابية) فهو نوع من اللمز، ونوع من التشويه الدعائي من قبل خصوم الدعوة والجاهلين بحقيقتها، سواء كانوا من الكفار أو من المسلمين أصحاب البدع والأهواء، أو من الجهلة بحقيقتها، فهم يظنون أن الوهابية فرقة، والوهابية ليست فرقة، هي منهج السنة والجماعة قام بها هذا الداعية المصلح مثلما قام بها الدعاة المصلحون السابقون، فنسبت إليه من باب التعيير، وهذه في الحقيقة تزكية، ولذلك أقول لإخواني الذين يعرفون حقيقة دعوة الشيخ: يجب أن تعتزوا بهذا الوصف وبهذا التعيير؛ لأنه تزكية إذا أخذنا الوهابية على حقيقتها، لكن إذا كان القصد بالوهابية ما يقوله أصحاب البهتان والافتراء على الدعوة من أنها خارجة عن الإسلام، أو أنها خارجة عن السنة، أو أنها مخترعة أو مبتدعة، أو أنها تبغض الأولياء أو تبغض النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه اقتراءات؛ إذ كيف تبغض الأولياء وتبغض النبي صلى الله عليه وسلم وقد قامت على نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة الأنبياء، وبذلت مهجتها في نصرة الحق الذي يمثله النبي صلى الله عليه وسلم ويمثله الأولياء؟! أقول: الوجه المشوه للوهابية قد يسيء فعلاً عند هذا الإطلاق.

وكذلك الحنابلة ليسوا إلا مذهباً فقهياً اجتهادياً، ومذهب أهل السنة والجماعة لا يخص الحنابلة، وإن كان مذهب أهل السنة في الحنابلة كثيراً؛ لأن الإمام أحمد هو آخر الأئمة الأربعة، وعلى منهجه استقر منهج السلف العملي، فأكثر منهج السلف العملي استقر على منهج الإمام أحمد؛ لأنه آخر الأئمة الأربعة، وكلهم في العقيدة سواء، ولذلك فمن الأمور التي يجب أن نكشفها للإخوة؛ لأنها تبين -مع الأسف- مدى السذاجة عند الجاهلين، ومدى البهتان عند المتعمدين الذين يطلقون على منهج السلف لفظ الوهابية أو الحنابلة على سبيل اللمز، أن الدليل على جهلهم: أن أكثر الذين رسموا منهج السلف في القرون الثلاثة الفاضلة وما بعدها أغلبهم ليسوا من الحنابلة.

المقدم: ممن؟ الشيخ: من المالكية، ومن الشافعية، ومن الأحناف، وهذا يحتاج إلى استقراء دقيق، ولكن من خلال اطلاعي على بعض البحوث العلمية والرسائل المعاصرة نجد أن الأكثر عدداً ممن نصروا منهج السلف ومنهج أهل السنة والجماعة هم الشافعية والمالكية ثم الأحناف، هذا أمر.

الأمر الآخر: ينبغي أن يعرف أن أكثر منهج السلف من الناحية المنهجية العلمية الشاملة استقر قبل الإمام أحمد؛ إذاً: فالمفترض أن ينسب إلى مالك، وينسب إلى الشافعي وينسب إلى أبي حنيفة قبل أن ينسب إلى أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>