الأذهان، وهى غير صحيحة، وتلك هى علوم البلاغة، التى اختلطت بمسائل فلسفية، وملئت كتبها بأبحاث لفظية، ومناقشات جدلية، باعدت بينها، وبين أداء رسالتها، أداء كاملا غير منقوص، وحسبى أن أشير إلى شروح التلخيص وحواشيه، التى تضل البلاغة في ثناياها وشعبها، فلا تهتدى إليها، وحسبى كذلك أن أشير إلى ما في باب التشبيه، من أخطاء في القواعد الموضوعة، من وقوفهم عند حد الحس في التشبيه، وجعلهم البعيد الغريب في التشبيه أبلغ أنواعه، إلى غير ذلك من أحكام تحتاج إلى مراجعة النظر، للوصول فيها إلى حكم صحيح.
ومن تلك العلوم ما لم يدرس إلى اليوم، سوى أشتات مبعثرة، ونعنى بذلك علمى الشعر والنثر، وقد أبنّاهما فيما مضى، فلا عجب إذا أن نرى النقد الأدبى متعثرا في خطاه إلى اليوم، فإننا لم نهيئ له التربة الصالحة لنموه وإثماره، وإذا أردنا أن ينهض النقد ليؤدى رسالته، فلنهذب علومه، ولنضع ما نقص منها، جاعلين هدفنا من ذلك كله تربية ذوق صالح سليم.