للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعيننا هذه الفقرة على ترسّم خطى ابن عاشور فى تفسيره اللغوى، فقواعد العربية طريق لفهم معانى القرآن، وما تعنيه هذه القواعد من مجموع علوم اللسان العربى، وهى متن اللغة والتصريف والنحو والمعانى والبيان فضلا عما استعمله العرب فى أساليبهم فى الخطب والشعر وتراكيب البلغاء منهم.

وقد قدّمنا الحديث عن" الشعر" لأنه أخطر ما دونه العرب على لسانهم وأكثر أنواع البيان بقاء وانتشارا.

وفى سبيل تحديد الأسس التى قام عليها تفسيره للألفاظ نأتى بهذا المثال، ثم بأمثلة أخرى تفصّل أبعاد هذا التفسير، وطريقة تناوله لصور الألفاظ المختلفة.

قال فى تفسير لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، من قوله تعالى:

الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (سورة البقرة: الآية ١، ٢) «حال من الكتاب أو خبر أول أو ثان، والريب الشك، وأصل الريب القلق واضطراب النفس، وريب الزمان وريب المنون نوائب ذلك، قال الله تعالى: نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (١)، ولما كان الشك يلزمه اضطراب النفس وقلقها غلب عليه الريب فصار حقيقة عرفية، يقال رابه الشيء إذا شككه أى يجعل ما أوجب الشك فى حاله، فهو متعد، ويقال أرابه كذلك إذ الهمزة لم تكسبه تعدية زائدة، فهو مثل لحق وألحق، وزلقه، وأزلقه، وقد قيل إن أراب أضعف من راب، أراب بمعنى قرّبه من أن يشك، قاله أبو زيد، وعلى التفرقة قال بشار:


(١) سورة الطور: الآية ٣٠.

<<  <   >  >>