للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والطبيعة نجدهم من ناحية أخرى يخضعون القدرة الإلهية لموازين المنطق العقلى الإنسانى ويتصورون أن ثمت حتمية عقلية يخضع لها الفعل الإلهى، فكيف يمكن للعقل الإنسانى بمنطقة المحدود أن يدرك المنطق الإلهى وأقضيته، ونحن عاجزون عن تتبع الأسباب الحقيقية لأفعالنا الإنسانية المحدودة؟!

وعلى أية حال فإن المعتزلة كما حكّموا العقل فى مسألة التوحيد نراهم يفعلون نفس الشيء فى مسألة العدل الإلهى، فهم يرون أن العدل من صفات الله أما الظلم والجوار فهما منفيان عنه تعالى، وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١).

[٣ - الوعد والوعيد:]

وأساسه ما وعد الله به حق نافذ، وما توعد به حق نازل، ويقول الشيخ الذهبى عن هذا الأصل:

«مضمونه، أن الله يجازى من أحسن بالإحسان، ومن أساء بالسوء، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة ما لم يتب، ولا يقبل فى أهل الكبائر شفاعة، ولا يخرج أحد منهم من النار. وأوضح من هذا أنهم يقولون: إنه يجب على الرب أن يثيب المطيع ويعاقب مرتكب الكبيرة، فصاحب الكبيرة إذا مات ولم يتب لا يجوز أن يعفو الله عنه، لأنه أوعد بالعقاب على الكبائر، وأخبر به.

فلو لم يعاقب لزم الخلف فى وعيده، وهم يعنون بذلك أن الثواب على الطاعات، والعقاب على المعاصى قانون حتمى التزم الله به، كما قالوا: إن


(١) دكتور محمد على أبو ريان تاريخ الفكر الفلسفى فى الإسلام ص ١٦٥ - ١٦٦ والآيتان: سورة فصلت: الآية ٤٦، سورة النحل الآية: ٨.

<<  <   >  >>