للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن فى ذلك، وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول مؤمن مطلقا، ولا كافرا مطلقا، بل هو فى منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى أسطوانة من أسطوانات المسجد يقرر ما أجاب فأجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنا واصل. فسمى هو وأصحابه معتزلة» (١).

[٥ - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:]

وهو الأصل الذى حاول بعض المعتزلة من خلال تطبيقه فرض معتقداتهم على جمهور المسلمين على الرغم مما يقول به المعتزلة من إعلاء دور العقل وحرية الفكر و «يقضى هذا المبدأ بمجاهدة كل من خالف حكم الله وأوامره ونواهيه تحقيقا للآية الكريمة: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (٢).

وقد رأى جمهور المعتزلة أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يجب أن يبدأ بالقلب، ثم يدرج إلى استخدام اللسان أولا، ثم استعمال اليد ثانية أى استخدام القوة. وقد طبقوا هذا المبدأ إبان محنة خلق القرآن، واعتبروه فرض عين لا فرض كفاية، لكن فريقا منهم لم يتشدد فى تطبيقه مخافة أن يزجوا بأنفسهم فى غمار حلبة الصراع السياسى. وقالوا: لا يصلح له إلا من علم المعروف ونهى عن المنكر وعلم كيف يرتب الأمر فى إقامته وكيف يباشره (٣).


(١) أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن بكر أحمد الشهرستانى" ت ٥٤٨ هـ" الملل والنحل ج ١ ص ٤٨ تحقيق محمد سعيد كيلانى، القاهرة ١٩٧٧ م.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٠٤.
(٣) دكتور محمد على أبو ريان تاريخ الفكر الفلسفى فى الإسلام ص ١٧٠ - ١٧١. وانظر عبد القاهر بن طاهر البغدادى" ت ٤٢٩ هـ" الفرق بين الفرق تقديم وتعليق عبد الرءوف سعد مؤسسة الحلبى- القاهرة.

<<  <   >  >>