للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكوفة والأندلس ووجوه الخلاف التى وقعت فى هذا التصريف. أو يستقل هو بالقول فيه.

ومن ذلك ما ذكره فى تفسير قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ (سورة المائدة: الآية ١٠١).

«و (أشياء) كلمة تدل على جمع (شىء)، والظاهر أنه صيغة جمع لأن زنة شىء (فعل)، و (فعل) إذا كان معتل العين قياس جمعه (أفعال) مثل بيت وشيخ. فالجارى على متعارف التصريف أن يكون (أشياء) جمعا، وأن همزته الأولى همزة مزيدة للجمع.

إلا أن (أشياء) ورد فى القرآن هنا ممنوعا من الصرف، فتردد أئمة اللغة فى تأويل ذلك، وأمثل أقوالهم فى ذلك قول الكسائى: إنه لما كثر استعماله فى الكلام أشبه (فعلاء)،

فمنعوه من الصرف لهذا الشبه، كما منعوا سراويل من الصرف وهو مفرد لأنه شابه صيغة الجمع مثل مصابيح.

وقال الخليل وسيبويه: (أشياء) اسم جمع (شىء) وليس جمعا فهو مثل طرفاء وحلفاء فأصله شيئاء، فالمدّة فى آخره مدّة تأنيث، فلذلك منع من الصرف، وادعى أنهم صيروه أشياء بقلب مكانى. وحقه أن يقال: شيئاء بوزن (فعلاء) مضار بوزن (لفعاء)» (١).

وفى هذا المثال رد ابن عاشور أشياء إلى شىء، وذكر ميزانها الصرفى فإذا كانت اللفظة" شىء" معتلة العين كبيت وشيخ وكل منهما معتلة العين أصبح وزنهما قياسا على" أفعال" كأبيات وأشياخ، وكذلك شىء تجمع على


(١) التحرير والتنوير، ج ٧، ص ٦٦.

<<  <   >  >>