إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ما ساقه ابن عاشور من قول الإمام الفخر الرازى فى مراتب العبادة، وما ذكره الشيخ الرئيس ابن سينا فى المرتبة الثالثة من هذه المراتب.
وفى المثال الثانى كان حول حقيقة الفطرة التى فطر الله الناس عليها كما ذكرها بشيخ الرئيس.
وفى المثال الأخير رأينا اختلاف الحكماء كسقراط وأفلاطون فى أمر الجمال ومذاهب الناس فى رد أسبابه إلى أصول متباينة عندهم، أو نشأته كما عند الطبائعيين، أو تعريف العشق الحسى كما جاء عند عبد الله بن زهر القرطبى فى كتابه جامع أسرار الطب.
وكل تلك الأقوال قد تلقى ضوءا على معنى اللفظة من الآية" العبودية، الفطر، الجمال، الحب أو العشق"، ومعانى تلك الألفاظ قد شغلت الحكماء طويلا، وذهب كل منهم
مذاهب مختلفة فى تحديد مراميها أو دلالاتها، وحين ينقل ابن عاشور هذه الأقوال كان ذلك فى دائرة الاستفادة منها، تعينه فى تعميق معنى اللفظة لا معنى الآية، حيث يبقى هذا المعنى للمفسر، يقترب منه بأدواته المختلفة، ويحيطه بما يستطيعه منها دون أن تنفرد أقوال الحكماء بمعنى الآية أو تطغى عليه.
ومن علوم الهيئة وخواص المخلوقات، وهى من علوم المرتبة الثانية التى صنفها ابن عاشور على هذا النحو، كذا من العلوم التى أشار إليها القرآن الكريم، أو جاءت مؤيدة له والمصنفة عند ابن عاشور فى المرتبة الثالثة ... ذكر فى تفسير قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (سورة البقرة: الآية ٢٩).