للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقال الأستاذ الإمام محمد عبده: أن النصارى كانوا يبتدئون أدعيتهم ونحوها باسم الأب والابن والروح القدس إشارة إلى الأقانيم الثلاثة عندهم، فجاءت فاتحة كتاب الإسلام بالرد عليهم موقظة لهم بأن الإله الواحد وإن تعددت أسماؤه فإنما هو تعدد الأوصاف دون تعدد المسميات، يعنى فهو رد عليهم بتغليظ وتبليد. وإذا صح أن فواتح النصارى وأدعيتهم كانت تشتمل على ذلك- إذا الناقل أمين- فهى نكتة لطيفة.

وعندى أن البسملة كان ما يراد منها قد جرى على ألسنة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه السلام فهى من كلام الحنيفية، فقد حكى الله عن إبراهيم أنه قال لأبيه يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ (١) وقال سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (٢) ومعنى الحفى قريب من معنى الرحيم.

وحكى عن قوله وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣)

وورد ذكر مرادفها من كتاب سليمان إلى ملكة سبأ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٤) والمظنون أن سليمان اقتدى فى افتتاح كتابه بالبسملة بالبسملة بسنة موروثة من عهد إبراهيم جعلها إبراهيم كلمة باقية فى وارثى نبوته، وأن الله أحيا هذه السنة فى الإسلام فى جملة ما أحيا له من الحنيفية.

كما قال تعالى: مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (٥).


(١) سورة مريم الآية ٤٥.
(٢) سورة مريم الآية ٤٧.
(٣) سورة البقرة الآية ١٢٨.
(٤) سورة النمل الآية ٣٠.
(٥) التحرير والتنوير ج ١ ص ١٥١ والآية من سورة الحج ٧٨.

<<  <   >  >>