للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى توضيح الدلالة من خلال السياق ذكر فى قوله تعالى:

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (سورة الزمر: الآية ٩).

وفعل" يعلمون" فى الموضعين منزل منزلة اللازم فلم يذكر له مفعول.

والمعنى: الذين اتصفوا بصفة العلم، وليس المقصود الذين علموا شيئا معينا حتى يكون من حذف المفعولين اختصارا إذ ليس المعنى عليه، وقد دل على أن المراد الذين اتصفوا بصفة العلم قوله عقبة إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أى أهل العقول، والعقل والعلم مترادفان، أى لا يستوى الذين لهم علم فهم يدركون حقائق الأشياء على ما هى عليه، وتجرى أعمالهم على حسب علمهم، مع الذين لا يعلمون فلا يدركون الأشياء على ما هى عليه، بل تخلط عليهم الحقائق وتجرى أعمالهم على غير نظام، كحال الذين توهموا الحجارة آلهة ووضعوا الكفر موضع الشكر. فتعين أن المعنى، لا يستوى من هو قانت آناء الليل يحذر ربه ويرجوه، ومن جعل لله أندادا ليضل عن سبيله، وإذ قد تقرر أن الذين جعلوا لله أندادا هم الكفار بحكم قوله قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا (١). ثبت أن الذين لا يستوون معهم هم المؤمنون، أى هم أفضل منهم، وإذ قد تقرر أن الكافرين من أصحاب النار فقد اقتضى أن المفضلين عليهم هم من أصحاب الجنة.

وعدل عن أن يقول: هل يستوى هذا وذاك، إلى التعبير بالموصول إدماجا للثناء على فريق ولزم فريق بأن أهل الإيمان أهل علم وأهل الشرك أهل


(١) سورة الزمر: الآية ٨.

<<  <   >  >>