للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وبلوغ صلاحية الزواج تختلف باختلاف البلاد فى الحرارة والبرودة، وباختلاف أمزجة أهل البلد الواحد فى القوة والضعف، والمزاج الدموى والمزاج الصفراوى. فلذلك أحاله القرآن على بلوغ أمد النكاح، والغالب فى بلوغ البنت أنه أسبق من بلوغ الذكر، فإن تخلفت عن وقت مظنتها فقال الجمهور: يستدل بالسن الذى لا يتخلف عنه أقصى البلوغ عادة، فقال مالك فى رواية ابن القاسم عنه، هو ثمان عشرة سنة للذكور والإناث، وروى مثله عن أبى حنيفة فى الذكور، وقال: فى الجارية سبع عشرة سنة، وروى غير ابن القاسم عن مالك أنه سبع عشرة سنة، والمشهور عن أبى حنيفة: أنه تسع عشرة سنة للذكور وسبع عشرة للبنات.

وقال الجمهور: خمس عشرة سنة. قاله القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر، وإسحاق، والشافعى، وأحمد والأوزاعى، وابن الماجشون وبه قال أصبغ، وابن وهب من أصحاب مالك، واختاره الأبهرى من المالكية، وتمسكوا بحديث ابن عمر أنه عرضه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم بدر وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه، وعرضه يوم أحد وهو ابن خمس عشرة فأجازه، ولا حجة فيه إذ ليس يلزم أن يكون بلوغ عبد الله بن عمر هو معيار بلوغ عموم المسلمين» فصادف أن رآه النبى- صلى الله عليه وسلم- وعليه ملامح الرجال، فأجازه، وليس ذكر السن فى كلام ابن عمر إيماء إلى ضبط الإجازة.

وقد غفل عن هذا ابن العربى فى أحكام القرآن فتعجب من ترك هؤلاء الأئمة تحديد السن فى البلوغ بخمس عشرة سنة، والعجب منه أشد من عجبه منهم، فإن قضية ابن عمر قضية عين، وخلاف العلماء فى قضايا الأعيان معلوم، واستدل الشافعية بما روى أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: إذ

<<  <   >  >>