للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبى- صلى الله عليه وسلم- بأن يلحقوا براعى إبل الصدقة خارج المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى يصحوا فلما صحوا قتلوا الراعى واستاقوا الذود ومروا، فألحق بهم النبى- صلى الله عليه وسلم- الطلب فى أثرهم حتى لحقوا بهم فأمر بهم فقتلوا.

وفى حديث الموطأ: أن أعرابيا أسلم وبايع النبى- صلى الله عليه وسلم- فأصابه وعك بالمدينة، فجاء إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- يستقيله بيعته فأبى أن يقيله: فخرج من المدينة فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-:

«المدينة كالكير تنفى خبثها وينصع طيبها» فجعله خبثا لأنه لم يكن مؤمنا ثابتا، وذكر الفخر عن مقاتل إن نفرا من أسد وغطفان قالوا: نخاف أن لا ينصر الله محمدا فينقطع الذى بيننا وبين حلفائنا من اليهود فلا يميزوننا، فنزل فيهم قوله تعالى مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ (الحج: ١٥).

وعن الضحاك (١): «أن الآية نزلت فى المؤلفة قلوبهم منهم: عينية بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس قالوا: ندخل فى دين محمد فإن أصبنا خيرا عرفنا أنه حق، وإن أصبنا غير ذلك عرفنا أنه باطل. وهذا كله ناشئ عن الجهل وتخليط الأسباب الدنيوية بالأسباب الأخروية، وجعل المقارنات الاتفاقية كالمعلومات اللزومية، وهذا أصل كبير من أصول الضلالة فى أمور الدين وأمور الدنيا. ولنعم المعبر عن ذلك قوله تعالى: خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ إذ لا يهتدى إلى تطلب المسببات من أسبابها» (٢).


(١) الضحاك بن مزاحم البلخي الخرسانى" أبو القاسم" مفسر كان يؤدب الطفال، ويقال كان فى مدرسته ثلاث آلاف صبى، وهو من أشراف المعلمين وفقهاءهم، وله كتاب فى التفسير، توفى بخرسان ١٠٥ هـ- ٧٢٣ م. انظر الأعلام، ج ٣، ص ٢١٥.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١٧، ص ٢١١.-

<<  <   >  >>