للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موسى إلى قوم، وقصة نوح إلى قوم آخرين، فأراد الله بلطفه ورحمته أن يشهر هذه القصص فى أطراف الأرض، ويلقيها فى كل سمع، ويثبتها فى كل قلب، ويزيد الحاضرين فى الإفهام» (١).

ولا نعتقد أن هدف القصص القرآنى كان على هذا النحو، فالقصة الواحدة لا تتكرر بعينها فى السور المختلفة، ولكنها فى كل سورة تحمل طابعا مغايرا يختلف من حيث الإطالة أو التركيز تبعا للعبرة المقصودة، فضلا عن تنوع هذه القصص، فليست هى مقصورة على قصص الأنبياء فحسب، ولكن هناك أيضا قصص ابني آدم، وأهل الكهف، وقارون، وأصحاب الأخدود، وأصحاب الفيل، وقصص صدر الدعوة الإسلامية، كالغزوات، والهجرة، والإسراء وغيرها (٢).

ومما ذكره ابن عاشور فى مقدمة التحرير والتنوير عن المنهج القصصى للقرآن الكريم: «والقصة: الخبر عن حادثة غائبة عن المخبر بها، فليس ما فى القرآن من ذكر الأحوال الحاضرة فى زمن نزوله قصصا مثل ذكر وقائع المسلمين مع عدوهم وجمع القصة قصص بكسر القاف، وأما القصص بفتح القاف فاسم للخبر المقصوص وهو مصدر وسمى به المفعول، يقال قصّ على فلان إذا أخبره بخبر.

وأبصر أهل العلم أن ليس الغرض من سوقها قاصرا على حصول العبرة والموعظة مما تضمنته القصة من عواقب الخير أو الشر، ولا على حصول التنويه بأصحاب تلك القصص فى عناية الله بهم، أو التشويه بأصحابها فيما لاقوه من


(١) التبيان فى تفسير القرآن، المجلد الأول، ج ١، ص ١٤.
(٢) وانظر أبا القاسم محمد بن أحمد بن حرى الكلبى الغرناطى (ت ٧٤١ هـ) التسهيل لعلوم التنزيل، ص ٦، الدار العربية للكتاب.

<<  <   >  >>