للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسادسه: أنه لا يجوز بحكم التعقل أن تستأصل أمة كاملة لتوقع مفسد فيها، لعدم التوازن بين المفسدين، ولأن الإحاطة بأفراد أمة كاملة متعذرة فلا يكون المتوقع فساده إلا فى جانب المغفول عنه من الأفراد فتحصل مفسدتان هما: أخذ البرىء وانفلات المجرم.

وسابعه: تعليم أن الله بالغ أمره بتهيئة الأسباب المفضية إليه، ولو شاء الله لأهلك فرعون ومن معه بحادث سماوى ولما قدر لإهلاكهم هذه الصورة المرتبة ولأنجى موسى وبنى إسرائيل إنجاء أسرع، ولكنه أراد أن يحصل ذلك بمشاهدة تنقلات الأحوال ابتداء من إلقاء موسى فى اليم إلى أن يرده إلى أمه فتكون فى ذلك عبرة للمشركين الذى وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (١).

وليتوسموا من بوارق ظهور النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وانتقال أحوال دعوته فى مدارج القوة أن ما وعدهم به واقع بأخره.

وثامنه: العبرة بأن وجود الصالحين من بين المفسدين يخفف من فساد المفسدين، فإن وجود امرأة فرعون كان سببا فى صد فرعون عن قتل الطفل مع أنه تحقق أنه إسرائيلى فقالت امرأته لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً.

وتاسعه: ما فى قوله: وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ من الإيماء إلى تذكير المؤمنين بأن نصرهم حاصل بعد حين، ووعيد المشركين بأن وعيدهم لا مفر لهم منه.

وعاشره: ما فى قوله: وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ من الإشارة إلى أن المرء يؤتى من جهله النظر فى أدلة العقل.


(١) سورة الأنفال: الآية ٣٢.

<<  <   >  >>