والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل، ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، وتجوز حكايته، لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني!
ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا، ويأتي عن المفسرين خلاف لسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدّتهم، وعصا موسى- عليه السلام- من أي الشجر كانت، وأسماء الطيور التي أحياها الله تعالى لإبراهيم عليه السلام- وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة! ونوع الشجرة التي كلّم الله منها موسى عليه السلام، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لا فائدة من تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال:
حدثنا سفيان، عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما:
التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره، والله سبحانه وتعالى أعلم (١).
أجل!
ففي هذه الرسالة اللطيفة من الفوائد الشيء الكثير، لذا على الدارس والباحث مراجعتها ليتوقف عند المنهج الذي كان يسير عليه علماء هذه الأمة، وخاصة فيما يتعلق بكتاب الله تعالى.
...
(١) مقدمة في أصول التفسير، بتحقيق الدكتور عدنان زرزور، ط ١، ١٩٧١ م دار القرآن الكريم.