للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويروى: ليس لها أصل، أي إسناد، لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير، والشعبي، والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، ومن بعدهم كيحيى بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي، ونحوهم من كتّاب المغازي.

فإن قال قائل: فما أحسن الطرق للتفسير؟ فالجواب: إن أصحّ الطرق في ذلك أن يفسّر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.

فإن أعياك ذلك فعليك بالسنّة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، ... ولهذا قال رسول الله:

«ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» (١) يعني السنّة، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي، وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة، ليس هذا موضع ذلك، والغرض: أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «بم تحكم؟» قال: بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد؟» قال: بسنة رسول الله، قال: «فإن لم تجد؟» قال: أجتهد رأيي، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: «الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» (٢).

ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتقاد، فإنها على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.


(١) سنن أبي داود: ٤/ ٢٧٩، سنن ابن ماجة: ١/ ٦.
(٢) مختصر سنن أبي داود: ٥/ ٢١٢، سنن الدارمي: ١/ ٦٠.

<<  <   >  >>