للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصرّ فرعون على ادّعاء الألوهية، ومواجهة موسى بالسحرة، ثم ينتهي المشهد بأخذ فرعون وجنوده وإهلاكهم جميعا.

فتصوير الأحداث يمر في شريط سريع، يتمثل في توالي الأفعال: فَكَذَّبَ وَعَصى، ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى، فَحَشَرَ فَنادى، فَقالَ ... والجمل القصيرة الخاطفة، لتسريع الأحداث لكي تتناسق مع جو السورة السريع.

ونرى في سورة «طه» تفصيلا في تصوير الأحداث، يبدأ بمشهد موسى بالفلاة مع النداء العلوي يأمره بالتوحيد، والعبادة، ويذكره بالساعة ثم يجري على يديه المعجزات الحسية في عصاه ويده، لتطمينه بها في أثناء مواجهة فرعون، ثم يكلف معه أخاه هارون بالرسالة، ويتخوّف موسى وهارون من بطش فرعون، ويذكّره برعايته له حين كان طفلا. ثم يمضي تصوير الأحداث إلى مشهد المواجهة مع فرعون، وما جرى بينهما من جدل وحوار، حول العقيدة والإيمان، ثم تصوير مشهد موسى والسحرة، والإطالة في عرضه، لأنه مشهد التحدي، ينتهي بإيمان السحرة أمام الجموع المحتشدة، فيلجأ فرعون إلى أسلوبه في تهديدهم بالقتل ولكنهم لم يبالوا بتهديده، ثم تصوير مشهد إغراق فرعون وجنوده، وانتصار موسى والمؤمنين معه.

يقول تعالى في ختام القصة بإهلاك فرعون: فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ طه: ٧٨.

وفي سورة الشعراء، نجد تفصيلا مشابها لما في سورة طه، فتبدأ الأحداث من مشهد النداء الإلهي أيضا، ثم مواجهة موسى فرعون بالرسالة، والخوارق في العصا واليد البيضاء، ثم التآمر على موسى، وجمع السحرة في يوم الزينة، ثم إغراء فرعون السحرة بمضاعفة الأجر إن تفوّقوا على موسى، ثم مشهد التحدي بين موسى والسحرة وإيمان السحرة، وتهديد فرعون لهم، ثم جمع فرعون جنوده لقتال موسى والمؤمنين معه، ثم نهاية فرعون بالموت غرقا في البحر مع جنوده، ونجاة موسى والمؤمنين معه.

ولكن هذه الأحداث على الرغم من التشابه بينها وبين الأحداث الواردة في سورة طه فإننا كما يقول سيد قطب: «لا نجد تكرارا في عرض القصة أبدا على كثرة ما عرضت في سور القرآن، لأن هذا التنويع في اختيار الحلقات التي تعرض، ومشاهد كل حلقة، والجانب

<<  <   >  >>