ويرتبط تصوير الشخصيات بالأحداث، كما يرتبط بالغرض الديني، فهو الهدف الأساسي من التصوير الفني.
وقد حفلت القصة في القرآن، بالشخصيات، من الرجال والنساء، والرجال فيها إمّا أنبياء، كنوح وهود وصالح وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وشعيب، ولوط، وموسى، وزكريا، ويحيى وعيسى ... إلخ.
وإما ملوك ووزراء، مثل فرعون وهامان، وإما أشخاص عاديون، وهم كثيرون أيضا.
والسمة البارزة في تصوير الشخصيات هي، إهمال التصوير الحسي للشخصية، فلا يذكر الطول واللون أو الملامح الأخرى المميّزة لكل شخصية. وذلك من تأثير خضوع القصة القرآنية للغرض الديني. وهذا هو الغالب في تصوير الشخصيات، ولكننا أحيانا قد نلاحظ بعض الإشارات الدالّة على الجانب الحسي في الشخصية، مثل قول الفتاة لأبيها في وصف موسى إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ والقوة هنا، هي القوة البدنية التي لاحظتها الفتاة في موسى عند ما سقى لهما وسط هذه الجموع من الرعاة. إلى جانب صفة أخرى غير حسية وهي الأمانة، وهي صفد خلقية. وبذلك يجتمع في وصف موسى الجانب الحسي والمعنوي معا.
كذلك نلاحظ الإشارة الصريحة إلى لكنة في لسان موسى في قوله تعالى: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي طه: ٢٧ - ٢٨، وكذلك الإشارة الصريحة إلى قوة جسم طالوت:
قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ البقرة: ٢٤٧، وهنا أيضا الجمع بين الجانب الحسي والمعنوي في شخصية طالوت.
وأحيانا يعتمد الإيحاء للدلالة على الجانب الحسي، مثل الإيحاء بجمال يوسف في قوله: فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ يوسف: ٣١.
وأحيانا تهمل الشخصيات، لتبرز الأحداث في القصة، كما رأينا في مشاهد تدمير ثمود وعاد.
أو لإبراز العظة والاعتبار في الحياة والموت، كقوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ