أصبحت قضية «الصورة» من القضايا الأساسية في النقد العربي الحديث، لأنها متصلة اتصالا مباشرا بنظرية المعرفة الإنسانية، بجانبيها الفلسفي، والأدبي.
بيد أن الصورة على الرغم من أهميتها في الدراسات الحديثة، وخطورتها في الوقت نفسه، فإنها ما زالت مصطلحا غامضا، ينظر إليها كل ناقد، من خلال رؤيته المعرفية، ومذهبه الأدبي.
ومن هنا جاءت الدراسات النقدية متباينة في فهمها، كما جاءت تطبيقاتها في الشعر، مختلفة في مناهجها ونتائجها. على الرغم من أن مصطلح «الصورة» قديم في تراثنا الأدبي والفكري يرجع إلى استعمالات القرآن لهذا المصطلح بصيغ مختلفة، في سياق تكريم الإنسان، وتفضيله، وبيان ميزته على سائر المخلوقات، كما أن الجاحظ، قد لفت انتباه الأدباء والنقاد لهذا المصطلح، وأهميته في العمل الأدبي ولكن الدراسات البلاغية والنقدية، ضيّقت من مفهوم الصورة، وحصرتها في أنواع وأشكال لا تتعداها فأثّر هذا الفهم الجزئي، في تذوق النص القرآني، وما فيه من شمول، وتنوّع، وصل إلى حدّ الإعجاز للبشر، في تعبيره، وتصويره، وقوة تأثيره.
وكان من المفترض لدى النقاد المعاصرين، أن يهتموا بدراسة الصورة القرآنية، لأنها تصلح نموذجا يحتذى في تناسق التعبير مع التصوير، وتناسق الصورة مع المعنى، أو الشكل مع المضمون، كما تصلح نموذجا أيضا لتنوع الصور، وتفاعلها مع السياق، حتى أصبح النص كله مجسّدا للفكرة الدينية المطلوبة.