وكذلك دعا قومه بالأسلوب نفسه، وكذلك في حواره مع النمرود، ولكن بشريته ظهرت مع صفات النبوة، في استغفاره لأبيه، وفي سؤاله عن الإحياء والإماتة، ليطمئن قلبه.
وموسى عليه السلام نموذج لسرعة التأثر، فحين استصرخه رجل من قومه، ناصره على عدوه، وكذلك حين ناداه الله في الواد المقدس، اشتد تأثره بمشهد المناجاة، فطلب من ربه أن يراه.
وحين رأى مشهد السحرة وقوة سحرهم فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى طه: ٦٧، وتأثّر حين رأى قومه يعبدون العجل من بعده، وبلغ به التأثر أن أخذ برأس أخيه، وشدّه إليه بعنف وقوة.
وتظهر سرعة التأثر فيه، في صحبته للرجل الصالح، حيث لم يستطع صبرا على ما يراه من أفعال، فاندفع محتجا عليه، قبل أن يوضّح له الرجل الصالح تفسيرا لما يراه من أفعال، لا تقبل على ظاهرها.
فالرسالة لا تلغي الطبيعة الإنسانية في النبي، وإنما تجعل الإنسانية فيه سامية مثالية، من حيث العصمة، والالتزام بالدعوة قولا وفعلا، وسلوكا وشعورا.
وهكذا نرى أن الصورة ترسم النماذج الإنسانية بقصد التأثير، وهي نماذج خيّرة، وأخرى شرّيرة، نماذج للاقتداء، ونماذج للابتعاد عنها والتنفير منها، وبهذا تتحقق الوظيفة الدينية من خلال تصوير النماذج القرآنية.