للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما صاحبه ابن مسعود، فيحكي عن تناوب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الراحلة - وهو منطلق إلى بدر – مع اثنين من أصحابه، وكانا يودان لو بقي النبي على الراحلة، وأنهما يمشيان عنه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول لهما: ((ما أنتما بأقوى مني، وما أنا بأغنى عن الأجر منكُما)). (١)

وهنا نسأل: ماذا أفاده دعواه النبوة من متاع الدنيا؟ أفهكذا يصنع الأدعياء؟!

وإن من دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - ما آتاه الله من المعجزات الحسية التي خرق الله فيها لنبيه نواميس الكون إظهاراً لنبوته، وقد فاقت هذه المعجزات في عددها الألف، منها أن الله أطعم ببركته يوم الخندق زهاء ألف رجل من بهيمة واحدة وجِراب فيه صاعٌ من شعير لا يربو وزنه على ثلاث كيلوات. (٢)

كما تفجر الماء من بين أصابعه، حتى سقى الله من يديه الجموع الكثيرة من أصحابه. (٣)

وشفى الله على يديه المرضى، ومنهم محمد بن حاطب، فقد انكفأ على ذراعه قدر ماء يغلي، فتفل النبي - صلى الله عليه وسلم - في فيه، ومسح على رأسه، ودعا له، فقام صحيحاً ما به بأس ولا علة (٤)، وكذلك مسح على رجل عبد الله بن عتيك الأنصاري لما كُسرت، فقام من بين يديه وقد شفيت. (٥)

ومما يشهد بالنبوة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بشارة الكتب السابقة به، فهذه الكتب رغم ما تعرضت له من تغيير وتبديل؛ فإنها ما تزال تحمل شهادات صادقة تدل على نبوة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك بشارة النبيين موسى وحبقوق به - صلى الله عليه وسلم -، حين بشرا بنبي قدوس طاهر يخرج من بلاد فاران، ففي سفر التثنية المنسوب إلى موسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل قبيل وفاته: "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من


(١) أخرجه أحمد ح (٣٧٦٩).
(٢) انظره في البخاري ح (٤١٠٢)، ومسلم ح (٢٠٣٩).
(٣) انظره البخاري ح (١٦٩)، ومسلم ح (٢٢٧٩).
(٤) انظره في مسند أحمد ح (١٥٠٢٧).
(٥) انظره في البخاري ح (٤٠٣٩).

<<  <   >  >>