إن المفهوم الإسلامي للعبادة قد تجسد في الشريعة الإسلامية العظيمة، التي أمر الله المؤمنين بتحقيقها في الأرض وجعلها دستوراً لحياتهم الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية {ثم جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون}(الجاثية: ١٨)، فالشريعة هي ما شرعه الله لعباده من الدين وأحكامه المختلفة التي شرعها لمنفعة المؤمنين جميعاً إلى قيام الساعة.
أولاً: خصائص الشريعة الإسلامية
وتمتاز الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع التي قامت وتقوم إلى قيام الساعة بخصائص، أهمها:
أ. ربانية المصدر والغاية
أول خصيصة للشريعة الإسلامية أنها ربانية المصدر والغاية، فهي من الله، وتهدف إلى بلوغ رضاه، فالمسلم يستمد شرائعه المختلفة من مصدرين أصيلين، هما القرآن الكريم الذي أوحاه الله بحروفه، ثم السنة النبوية، وهي أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته التي أمر الله بالتأسي بها بقوله تعالى:{وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}(الحشر: ٧)، فالنبي يحمل رسالة الله إلى الناس، وما يقرره بقوله وفعله إنما هو بوحي الله وأمره {وما ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحي يوحى}(النجم: ٣ - ٤).
ومن هذين المصدرين وتأسيساً على قواعدهما اشتق العلماء عدداً من المصادر الفرعية للشريعة كالإجماع والقياس والاستصحاب والاستحسان والعرف وغيرها.
والخروج عن هذه المصادر إلى أحكام البشر إنما هو تحاكم إلى الهوى ومشاركة لغير الله في إحدى خصائصه تبارك وتعالى {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين}(الأعراف: ٥٤)، فكما خلق وحده فإنه يشرع وحده.
ومشاركة غيره له في التشريع اعتداء على حق الله بالتشريع، وهو استعباد لخلق الله، لذلك لما دخل عدي بن حاتم على النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه يقرأ قوله تعالى: