للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أنس: فجرتْ في سِكك المدينة.

فقال بعض القوم: قُتِل قوم وهي في بطونهم؟ فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} (المائدة: ٩٣) (١)، أي لن يحاسبوا عن شربها قبل التحريم لأنه لا عقوبة إلا بتشريع.

[ب. العدل والمساواة]

العدل اسم من أسماء الله تعالى، وهو صفة لازمة للرب في أوامره وتشريعاته وجزائه، ومظاهر عدل الله في شرائعه كثيرة، من أولها أنه تعالى لا يحاسب الإنسان على ما لا يقدر عليه، بل لم يكلفه أصلاً بما يعجزه {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} (البقرة: ٢٨٦)، فشرائع الله مبناها على اليسر والسهولة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (البقرة: ١٨٥) {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} (المائدة: ٦)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أحب الدين إلى الله الحنيفيةُ السمحةُ)). (٢)

ومن عدله تبارك وتعالى أنه رفع التكليف بأحكام الشريعة عن الأطفال الذين لم يحوزوا كمال العقل الذي يجيز محاسبتهم، كما أسقطه عمن حُرِم نعمة العقل ابتداءً، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشبَّ، وعن المعتوه حتى يعقل)) (٣)، كما يعفو الله عمن وقع في الخطأ


(١) أخرجه البخاري ح (٤٦٢٠)، ومسلم ح (١٩٨٠).
(٢) أخرجه البخاري معلقاً باب ((الدين يسر))، وأحمد ح (٢١٠٨).
(٣) أخرجه الترمذي ح (١٤٢٣)، وابن ماجه ح (٣٠٤٢)، وأحمد ح (٩٤٣).

<<  <   >  >>