للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العبادة والاستقامة، لا الحسب والجاه، {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليمٌ خبيرٌ} (الحجرات: ١٣).

وقد طبَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه عدل الإسلام وقِيَمه حين رفض التمييز في إقامة الشرائع بين شريف ووضيع، فقد حكم - صلى الله عليه وسلم - على سارقة من أشراف قريش بقطع يدها الخؤون، فاستشفع الناس لها، طلبوا من أسامة بن زيد -بما له من مكانة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لها عنده، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((أتشفع في حد من حدود الله)).

ثم قام فخطب الناس، فقال: ((إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقتْ [أي ابنته - صلى الله عليه وسلم -]؛ لقطعتُ يدها)). (١)

وهكذا فالعدل سمة شريعة الله الذي أمر به وشرعه بين خلقه {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} (النحل: ٩٠).

[ج. الشمول والتوازن]

لما كان الإسلام رسالة الله الخاتمة وكلمته الباقية إلى قيام الساعة، فإن الله تلطف فيه على الإنسانية بكل ما يصلح شؤونها في دار معاشها ثم في دار جزائها، فكملت أنعم الله بكمال تشريعاته {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} (المائدة: ٣).

والإسلام بنيان شمولي يغطي مناحي الحياة المختلفة، فهو دين عبادة، وهو أيضاً منظومة من الشرائع الأخلاقية والاجتماعية، والاقتصادية والسياسية التي تحقق سعادة الفرد والمجتمع في الدنيا ثم الآخرة.

إن الإسلام ينظم علاقات الإنسان المختلفة من لدن ميلاده إلى وفاته، وهو يحرس حقوقه حتى فيما قبل الميلاد وما بعد الوفاة، وأما ما بينهما فإنه يتناول


(١) أخرجه البخاري ح (٣٤٧٥)، ومسلم ح (١٦٨٨).

<<  <   >  >>