للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحج أيضاً مظهر من مظاهر المساواة والوحدة بين المسلمين، حيث يجتمع فيه المسلمون من كل حدب وصوب، في لباس واحد، على صعيد واحد، لا يتقدم فيهم غني على فقير، ولا أبيض على أسود، وقد خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في أيام الحج، فقال: ((يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)). (١)

ومن مقاصد الحج ذكر الله تعالى وتعظيمه واستغفاره مما سلف من الذنوب والعصيان {فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين - ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} (البقرة: ١٩٨ - ١٩٩).

وكما كان المشعر الحرام لذكر الله، فإن أيام مِنى هي أيضاً كذلك {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} (البقرة: ٢٠٣).

فإذا انتهت مناسك الحج؛ فإن المسلم مطالب بلزوم ذكر الله في سائر أيامه {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً} (البقرة: ٢٠٠).

ومن مناسك الحج وشعائره ذبح الهدي قرباناً لله عز وجل، قال تعالى: {والبُدْن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير} (الحج: ٣٦)، وفي مقدمة هذا الخير تحقيق تقوى الله وتمثلها في حياتنا السلوكية {لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} (الحج: ٣٧).

ومن أعظم مقاصد الحج تهذيب سلوك المسلم الحاج، قال تعالى: {الحج أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} (البقرة: ١٩٧)، فالحاج ينبغي عليه اجتناب المعاصي ليتحقق له الغفران والخلوص من


(١) أخرجه أحمد ح (٢٢٩٧٨).

<<  <   >  >>