للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولها: ما يصيب الإنسان من خير وشر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)) (١)، وبذلك يتعلق قلب العبد بربه مسبب الأسباب، لا بالأسباب المنظورة التي جعلها الله طريقاً لتحقيق قدره المكتوب، وهذا يُحل بالمؤمن راحة النفس وطمأنينة القلب عند نزول البلاء، ومحبة المنعم ورجاء المزيد من نواله عند الرخاء {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسيرٌ - لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ} (الحديد: ٢٢ - ٢٣).

ومنها أيضاً: تقدير أرزاق الخلق، فكل ذلك مسطور في علم الله أزلاً، يقول الله تعالى عما يقدره من أرزاق للناس: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} (الحجر: ٢١).

وبسبب هذا الإيمان فإن المؤمن أشجع الناس بما أوتي من يقين بالله الذي هو وحده يملك أرزاق الناس وآجالهم، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: ٥١).

ولأجل ذلك علَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عباس والأمة من بعده ((أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعتِ الأقلام وجفَّت الصحف)). (٢)

وبسبب إيمان المسلم بأن الرزق مقسوم من الله بسابق قدره، فإنه لا يطلب الدنيا بنَهَم عُبَّاد المال الذين لا يعرفون في الكسب حلالاً ولا حراماً، إنما يطلبها بوجوهها المشروعة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تستبطئوا الرزق، فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه


(١) أخرجه الترمذي ح (٢١٤٤)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي لشواهد تقويه ح (١١٤٣) , وفي السلسلة الصحيحة ح (٢٤٣٩).
(٢) أخرجه الترمذي ح (٢٥١٦)، وأحمد ح (٢٦٦٤).

<<  <   >  >>