للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا: صالح الحديث (١). وقال الفلَّاس: سيئِّ الحفظ. وقال أبو زُرعة: يَهِم كثيرًا. وقال ابن حِبَّان: ينفرد (٢) بالمناكير عن المشاهير (٣).

قلت: ومما يُنكَر من هذا الحديث قوله: «فكان رُوح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق، فأرسل ذلك الروح إلى مريم حين انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا، فدخل مِن فيها» (٤). ومعلومٌ أن الروح الذي أُرسل إلى مريم ليس هو روح المسيح بل ذلك الروح الذي نفخ فيها فحملت بالمسيح. قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (٥) [مريم: ١٧ ـ ١٩]. فروح المسيح لا يخاطبها عن نفسه بهذه المخاطبة قطعًا.

وفي بعض طرق حديث أبي جعفر هذا أنَّ روح المسيح هو الذي خاطبها، وهو الذي أُرسِل إليها.

وهاهنا أربع مقامات:

أحدها: أنَّ الله سبحانه استخرج صورهم وأمثالهم، فميَّز (٦) شقيَّهم


(١) هذا القول الثاني لأحمد ساقط من (ن).
(٢) في الأصل: «يتفرد». وفي (غ): «متفرِّد».
(٣) انظر هذه الأقوال في تهذيب الكمال (٣/ ١٩٤ ــ ١٩٦) إلا قول ابن حبان فهو في كتاب المجروحين (٢/ ١٢٠).
(٤) في (أ، غ): «في فيها»، خلافًا لما سبق، وهو المطابق لما ورد في المستدرك. وقد سقطت «من» من (ق).
(٥) في (أ، ق، غ): «ليهَبَ» بالياء. وهي قراءة أبي عمرو. انظر: الإقناع لابن الباذش (٦٩٦).
(٦) (ب، ج): «وميَّز».