للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا (١) المسألة الرابعة

وهي أنّ الروح هل تموت، أم الموت للبدن وحده؟

فقد اختلف الناسُ في هذا (٢). فقالت طائفة: تموت وتذوق الموتَ؛ لأنها نفس، وكلُّ نفس ذائقةُ الموت.

قالوا: وقد دلَّت الأدلَّة على أنه لا يبقى إلا الله وحده. قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦، ٢٧]. وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨].

قالوا: وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوسُ البشرية أولى بالموت.

قالوا: وقد قال تعالى عن أهل النار إنهم قالوا: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١]، فالموتة الأولى هي المشهودة، وهي للبدن، والأخرى للروح.

وقال آخرون: لا تموت الأرواحُ، فإنها خُلِقَت للبقاء، وإنما تموت الأبدانُ. قالوا: وقد دلَّ على هذا الأحاديثُ الدالَّةُ على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يَرجِعَها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواحُ لانقطع (٣)


(١) «فصل وأما» لم يرد في (ن).
(٢) لخّص هذه المسألة ابن أبي العزّ في شرح الطحاوية (٣٩٠ ــ ٣٩١) دون الإشارة إلى ابن القيم.
(٣) (ن): «لزال».