للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصول العلم، لا أنها نفسُ العلم (١).

وأيضًا فهذه الشبهة مع ركاكة ألفاظها وفسادِ مقدِّماتها منقوضة. فإنا إذا أخذنا حجرًا أو خشبة (٢) قلنا: هذا جوهر قائم بنفسه. فذاتُه حاضرةٌ عند ذاته، فيجب في هذه الجمادات أن تكون عالمة بذواتها.

وأيضًا فجميع الحيوانات مدركةٌ لذواتها، فلو كان كونُ الشيء مدرِكًا لذاته يقتضي كونَ ذاتِه (٣) جوهرًا مجردًا، لزمَ كونُ نفوس الحيوانات بأسرها جواهرَ مجرَّدةً. وأنتم لا تقولون بذلك.

فصل

قولكم في السابع: إنَّ الواحدَ منَّا يتخيَّل بحرًا من زئبق، وجبلًا من ياقوت، إلى آخره؛ وهو شبهة أبي البركات البغداديِّ، فشبهةٌ داحضةٌ جدًّا، فإنها مبنية على أن تلك المتخيَّلات أمور موجودة، وأنها منطبعة في النفس الناطقة انطباعَ النقش (٤) في محلِّه. ومعلوم قطعًا أن هذه المتخيَّلات لا حقيقةَ لها في ذاتها، وإنما الذهنُ يفرضُها تقديرًا، وليست منطبعةً في النفس، فإنَّ العلوم الخارجية لا تنطبع صورُها في النفس، فكيف بالخيالات المعدومة؟ فهذه عدميَّة محضة (٥).


(١) «وهذا باطل ... العلم» ساقط من (ب).
(٢) (ب، ط): «خشبة أو حجرا».
(٣) (ن): «كونه».
(٤) كذا في الأصل، وهو الصواب. وفي غيره من النسخ الخطية والمطبوعة: «النفس».
(٥) رسمها في الأصل: «منه محصه» وكذا في (ق). فقرأها ناسخ (غ): «شبهة محضة»، وكتب فوق الكلمة الأولى حرف الظاء. وفي (ن، ز): «منه» وحذفت الكلمة الثانية. والمثبت من (ب، ط، ج)، وهو أقرب.