للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

[الجواب عن أدلَّة المنازعين]

فأما قولهم: إنَّ العقلاءَ متفقون على قولهم: الروح والجسم، والنفس والجسم؛ وهذا يدلُّ على تغايرهما.

فالجواب: أن يقال: إن مسمَّى الجسم في اصطلاح المتفلسفةِ والمتكلِّمين أعمُّ من مسمَّاه في لغة العرب وعُرْف أهل العرف. فإن الفلاسفة يطلقون الجسمَ على قابلِ الأبعاد الثلاثة، خفيفًا كان أو ثقيلًا، مرئيًا كان أو غير مرئي؛ فيسمُّون الهواءَ جسمًا، والنار جسمًا، والماء جسمًا (١). وكذلك الدخان، والبخار، والكواكب. ولا يُعرف في لغة العرب تسميةُ شيء من ذلك جسمًا البتَّة. فهذه لغتهم وأشعارهم، وهذه النقول عنهم في كتب اللغة.

قال الجوهري (٢): «قال أبو زيد: الجسم: الجسد. وكذلك الجُسْمان، والجُثْمان. قال الأصمعي: الجسم والجُسمان: الجسد. والجُثْمان: الشخص. وقد جَسُم الشيءُ أي: عظُمَ، فهو عظيم جَسيم (٣)، وجُسام بالضم».

ونحن إذا سمَّينا النفس جسمًا، فإنما هو باصطلاحهم وعُرْفِ خطابهم،


(١) «والماء جسمًا» ساقط من (ب، ج).
(٢) في الصحاح (٥/ ١٨٨٧).
(٣) كذا في جميع النسخ الخطية والمطبوعة ما عدا (غ، ز)، وكلمة «عظيم» لا وجود لها في الصحاح، والظاهر أنها مقحمة. وفي (ز): «فهو جسيم أي عظيم». ولعل ذلك إصلاح لما ورد في غيرها. أما (غ) فقد سقطت منها «جسيم».