للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع.

وأما السبب الذي لأجله لم يظهر ذلك في السلف، فهو أنهم لم يكن لهم أوقاف على من يقرأ ويُهدي إلى الموتى، ولا كانوا يعرفون ذلك البتة، ولا كانوا يقصدون القبر للقراءة عنده كما يفعله الناس اليوم، ولا كان أحدهم يُشهِد من حضرَه من الناس على أنَّ ثواب هذه القراءة لفلان الميت، بل ولا ثواب هذه الصدقة والصوم.

ثم يقال لهذا القائل: لو كُلِّفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال: اللهم ثوابُ (١) هذا الصوم لفلان لعجزتَ، فإنَّ القومَ كانوا أحرصَ شيء على كتمان (٢) أعمال البرِّ، فلم يكونوا [٩١ أ] لِيُشهِدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم.

فإن قيل: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرشدَهم إلى الصوم والصدقة والحجِّ (٣) دون القراءة.

قيل: هو - صلى الله عليه وسلم - لم يبتدئهم بذلك، بل خرج ذلك منه مخرجَ الجواب لهم، فهذا سأله عن الحجِّ عن ميته، فأذِنَ له، وهذا سأله عن الصيام، فأَذِنَ له، وهذا سأله عن الصدقة فأَذِنَ له، ولم يمنعهم مما سوى ذلك. وأيُّ فَرْقٍ بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرَّدُ نية وإمساك، وبين وصول ثواب القراءة والذكر؟

والقائل: إنَّ أحدًا من السلف لم يفعل ذلك قائلٌ ما لا علْمَ له به، فإن


(١) (ب، ط، ج): «إن ثواب». وكتب بعضهم في الأصل فوق السطر: «اجعل» أي: «اجعل ثواب». وكذا في (غ).
(٢) «كتمان» ساقط من (ب، ط، ج).
(٣) (ب، ط، ج): «الحج والصدقة».