للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما المسألة التاسعة (١)

وهي قول السائل: ما الأسباب التي يعذَّب بها أصحاب القبور؟

فجوابها من وجهين: مجمل ومفصَّل.

أما المجمل: فإنهم يعذَّبون على جهلهم بالله، وإضاعتهم لأمره، وارتكابهم لمعاصيه. فلا يعذِّب الله روحًا عرفته، وأحبَّته، وامتثلت أمرَه، واجتنبت نهيَهُ؛ ولا بدَنًا (٢) كانت فيه أبدًا، فإنّ عذاب القبر وعذاب الآخرة أثرُ غضب الله وسُخْطِه على عبده، فمَن أغضب الله وأسخطَه في هذه الدار، ثم لم يتب، ومات على ذلك (٣)، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضبِ الله وسخطهِ عليه؛ فمستقِلٌّ ومستكثِر، ومصدِّقٌ ومكذِّب.

وأما الجواب المفصَّل، فقد أخبرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجلين الذين رآهما يعذَّبان في قبورهما، يمشي أحدهما بالنميمة بين الناس، ويترك (٤) الآخرُ الاستبراءَ من البول (٥). فهذا ترَكَ الطهارة الواجبة، وذلك ارتكب السببَ المُوقِعَ للعداوة بين الناس بلسانه، وإن كان صادقًا. وفي هذا تنبيه على أنَّ المُوقِعَ بينهم العداوةَ بالكذب والزُّور والبهتان أعظمُ عذابًا، كما أنَّ


(١) في (ن): «العاشرة» ولم يرد فيها «فصل وأما».
(٢) (ب، ج): «ولابدمَا» وكذا كان محرّفًا في (ط) أيضًا فأصلحه بعضهم.
(٣) «على ذلك» ساقط من (ن).
(٤) (ب، ن، ج): «ترك».
(٥) تقدم الحديث في المسألة الملحقة بالسادسة (ص ١٥٠).