للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإخلاص، فلا يحصل الثوابُ لواحد منهما. ونحن نمنع من أخذ الأجرة عن كل قربة، ونحبطها بأخذ الأجرة عليها، كالقضاء والفُتيا وتعليم العلم والصلاة وقراءة القرآن وغيرها، فلا يُثيب الله عليها إلا لمخلصٍ (١) أخلصَ العملَ لوجهه (٢) فإذا فعله للأجرة لم يُثَب عليه الفاعلُ ولا المستأجِرُ. فلا يليق بمحاسن الشرع أن يجعلَ العباداتِ الخالصةَ له معاملاتٍ يُقصَد بها المعاوضات والأكساب الدنيوية. وفارَقَ قضاءَ الدُّيون وضمانَها، فإنَّها حقوقُ الآدميين ينوب بعضهم فيها عن بعض، فلذلك جازت في الحياة وبعد الموت (٣).

فصل

وأما قولكم: لو ساغ ذلك لساغ إهداءُ نصف الثواب ورُبعه إلى الميت، فالجواب من وجهين:

أحدهما: منع الملازمة، فإنكم لم تذكروا عليها دليلاً إلا مجرَّد الدعوى.

الثاني: التزام ذلك والقول به، نصَّ عليه الإمام أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحَّال (٤). ووجهُ هذا أنَّ الثوابَ ملكٌ له، فله أن يهديَه


(١) كذا باللام في جميع النسخ، وضبط بتنوين الصاد بالكسر في (ق، ط، غ). وفي (ب): «المخلص»، والظاهر أنه إصلاح من الناسخ.
(٢) (ب، ط، ج): «لوجه الله تعالى».
(٣) قارن بما نقل ابن مفلح من كلام ابن عقيل في كتاب الفروع (٣/ ٤٣٣ ــ ٤٣٤).
(٤) سبق في (ص ٣٥٣).