للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأمَّا المسألة الثامنة عشرة (١)

وهي: هل (٢) تقدَّم خلقُ الأرواح على الأجساد أو تأخَّر خلقُها عنها؟

فهذه المسألة، للناس فيها قولان معروفان، حكاهما شيخُ الإسلام (٣) وغيره. وممن ذهب إلى تقدُّم خَلْقها محمد بن نصر المروزي وأبو محمد بن حزم، وحكاه ابن حزم إجماعًا (٤).

ونحن نذكر حججَ الفريقين، وما هو الأولى منها بالصواب.

قال مَن ذهبَ إلى تقدمُّ خلقها على خَلْق البدن: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [الأعراف: ١١]. قالوا: «ثُمَّ» للترتيب والمُهلة (٥)، فقد تضمَّنت الآية أنَّ خَلْقَنا (٦) مقدَّمٌ على أمر الله للملائكة بالسجود لآدم. ومن المعلوم قطعًا أنَّ أبدانَنا حادثةٌ بعد ذلك، فعُلِم أنها الأرواح.


(١) (ن): «التاسعة عشر» ولم يرد فيها «فصل وأما». والمثبت من (ط). وفي غيرها: «الثامنة عشر».
(٢) «هل» ساقطة من (ق، ط، ج). وفي (ب): أضافها بعض القراء.
(٣) في (ن) زيادة: «ابن تيمية». وانظر: درء التعارض (٨/ ٤١٤).
(٤) الفصل لابن حزم (٢/ ٣٢٢). وانظر: التمهيد (١٨/ ٨٤)، وشفاء العليل للمصنف (٤٤٤). وشرح الطحاوية (٢١٦).
(٥) الفصل لابن حزم (٢/ ٣٢١).
(٦) كذا في (ب، ط، ق، ج). وكذا كان في الأصل فغيَّره بعضهم إلى «خلقها» كما في (ن، غ) والنسخ المطبوعة. ويؤيد المثبت ما يأتي في (ص ٤٩٩).