للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأما قول من قال: إنَّ أرواحَ المؤمنين عن يمين آدم، وأرواحَ الكفار عن يساره (١)؛ فلَعمرُ الله، لقد قال قولاً يؤيِّده الحديث الصحيح. وهو حديث الإسراء، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رآهم كذلك (٢)؛ ولكن لا يدلُّ (٣) ذلك على تعادلهم في اليمين والشمال، بل يكون هؤلاء عن يمينه في العلوِّ والسعة، وهؤلاء عن يساره في السُّفْل والسِّجن.

وقد قال أبو محمد بن حزم: إن ذلك البرزخ الذي رآها فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أُسْري به (٤) عند سماء الدنيا. قال: وذلك عند منقطَع العناصر (٥). قال: وهذا يدلُّ على أنها عنده تحت السماء حيث تنقطع العناصر، وهي الماء (٦) والتراب والنار والهواء (٧). وهو دائمًا يشنِّع على من قال قولاً لا دليل عليه، فأيُّ دليل له على هذا القول من كتاب أو سنَّة؟ وسيأتي إشباع الكلام على قوله إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى.

فإن قيل: فإذا كانت أرواحُ أهل السعادة عن يمين آدم، وآدم في سماء الدنيا، وقد ثبت أن أرواح الشهداء في ظل العرش، والعرش فوق السماء


(١) (ن): «شماله».
(٢) انظر حديث أنس في البخاري (٣٤٩)، ومسلم (٢٦٣).
(٣) (ق): «يدرك»، تصحيف. وسقط بعده «ذلك» من (ط).
(٤) زاد بعده في (ب، ط، ن، ج): «إنه».
(٥) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٢/ ٣٢٢).
(٦) الهواء بعد الماء في (ب، ط، ن، ج).
(٧) هذا النص لم أجده في الفصَل المطبوع.