للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقرارُه بزوال (١) القلق والانزعاج والاضطراب عنه، وهذا لا يتأتَّى بشيء سوى الله وذكرِه البتَّة. وأما ما عداه، فالطمأنينةُ إليه وبه غرورٌ، والثقةُ به عَجْزٌ.

قضى الله سبحانه وتعالى قضاءً لا مردَّ له: أنَّ من اطمأن إلى شيءٍ (٢) سواه أتاه القلق والانزعاج والاضطراب من جهته، كائنًا ما كان؛ بل لو اطمأنَّ العبد إلى علمه وحاله وعمله (٣) سُلِبَه وزايَلَه.

وقد جعل الله سبحانه نفوسَ المطمئنين إلى سواه أغراضًا لسهام البلاء، ليعلّم عباده وأولياءه أنَّ المتعلِّق بغيره مقطوعٌ، والمطمئنَّ إلى سواه عن مصالحه ومقاصده مصدودٌ وممنوع.

وحقيقة الطمأنينة التي تصير بها النفس مطمئنةً: أن تطمئن (٤) في باب معرفة أسمائه وصفاته ونعوت كماله إلى خبره الذي أخبر به عن نفسه، وأخبرَتْ به عنه رسلُه؛ فتتلقاه بالقبول والتسليم والإذعان، وانشراح الصدر له، وفرحِ القلب به؛ فإنه تعرُّفٌ (٥) من تعرُّفات الربِّ سبحانه إلى عبده على لسان رسوله. فلا يزال القلب في أعظم القلق والاضطراب في هذا الباب حتى يخالطَ الإيمانُ بأسماء الربِّ تعالى وصفاتِه وتوحيدِه وعلُوِّه على عرشه وتكلُّمِه بالوحي بشاشةَ قلبه. فينزلُ ذلك عليه نزولَ الماء الزُّلالِ على القلب


(١) (ب): «ويزول به».
(٢) ساقط من (ق).
(٣) ساقط من (ط).
(٤) (ب، ق): «تظهر»، تصحيف.
(٥) ما عدا (ب، ج): «معرفة». وكذلك «تعرّفات» تصحف في غيرهما إلى «تقربات»، والأصل غير منقوط.